×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

وَخَصَّ هَذَيْن الرُّكْنَيْن لِمَا لَهُمَا مِنَ الأَهَمِّيَّةِ؛ لأَنَّ الأَوَّلَ: إحْسَانٌ فِيمَا بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّه بإخْلاَص العِبَادَة لَهُ، وَهَذَا هُوَ الأَسَاسُ الَّذي يَنْبَني عَلَيْه الدِّينُ كُلُّهُ.

وَالثَّانِي: إحْسَانٌ فِيمَا بَيْنَ العَبْدِ وَبَيْنَ إخْوَانِهِ، ثُمَّ الأَمْر بالمَعْرُوف، وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَر اللَّذَان يَتَحَقَّق بِهِمَا نُصْرَةُ دِينِ اللَّهِ، وَقَدَّمَ إقَامَ الصَّلاَة وَإيتَاءَ الزَّكَاة عَلَى الأَمْر بالمَعْرُوف وَالنَّهْي عَنِ المُنْكَر؛ لأَنَّ الآمِرَ بالمَعْرُوف، وَالنَّاهي عَنِ المُنْكَرِ لاَ بُدَّ أَن يَكُونَ عَامِلاً بِمَا يَأْمُرُ بِهِ، وَمُتَجَنِّبًا لِمَا يَنْهَى عَنْهُ، وَصَالِحًا فِي نَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مُصْلحًا لغَيْره.

هَذَا، وَكَمَا أَنَّ هَذِهِ الأُمُورَ هِيَ أَهَمُّ مُقَوِّمَات الأَمْن وَأَسْبَاب النَّصْر فِي الدُّنْيَا، فَهيَ كَذَلكَ أَسْبَابُ الأَمْنِ فِي الدَّارِ الآخِرَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ [الأنعام: 82] أَيْ: لَمْ يَخْلطُوا عِبَادَتَهُمْ بِشِرْكٍ، ﴿أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ [الأنعام: 82].

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٖ ٥١فِي جَنَّٰتٖ وَعُيُونٖ ٥٢ [الدخان: 51 - 52].

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ٱدۡخُلُوهَا بِسَلَٰمٍ ءَامِنِينَ [الحجر: 46].

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَهُمۡ فِي ٱلۡغُرُفَٰتِ ءَامِنُونَ [سبأ: 37].

فَنَالُوا الأَمْنَ بالجَنَّة بسَبَب إِيمَانِهِم فِي الدُّنْيَا، وَإخْلاَصهم العِبَادَةَ للَّه، وَابْتِعَادِهِمْ عَنِ الشِّرْك.

قَالَ الإمَامُ ابْن كَثيرٍ: «هَؤُلاَء الَّذينَ أَخْلَصُوا العِبَادَةَ للَّهِ وَحْدَهُ، وَلَم يُشْركُوا بِهِ شَيْئًا، هُمُ الآمِنُونَ يَوْمَ القيَامَة، المُهْتَدُونَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ».


الشرح