وَقَالَ شَيْخُ الإسْلاَم ابْنُ تَيْميَة: «فَمَنْ سَلِمَ مِنْ أَجْنَاسِ الظُّلْمِ الثَّلاَثَة: «الشِّرْك، وَظُلْم
العِبَادِ، وَظُلْمُهُ لنَفْسِهِ بمَا دُونَ الشِّرْك» كَانَ لَهُ الأَمْنُ
التَّامُّ، وَالاهْتدَاءُ التَّامُّ، وَمَن لَم يَسْلَمْ من ظُلْمِهِ لنَفْسِهِ،
كَانَ لَهُ الأَمْنُ وَالاهْتدَاءُ المُطْلَقُ. بمَعْنى: أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَن
يَدْخُلَ الجَنَّةَ كَمَا وُعِدَ بذَلكَ فِي الآيَة الأُخْرَى، يَعْني قَوْلَهُ
تَعَالَى: ﴿ثُمَّ
أَوۡرَثۡنَا ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِينَ ٱصۡطَفَيۡنَا مِنۡ عِبَادِنَاۖ فَمِنۡهُمۡ ظَالِمٞ
لِّنَفۡسِهِۦ وَمِنۡهُم مُّقۡتَصِدٞ وَمِنۡهُمۡ سَابِقُۢ بِٱلۡخَيۡرَٰتِ بِإِذۡنِ ٱللَّهِۚ
ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَضۡلُ ٱلۡكَبِيرُ ٣٢جَنَّٰتُ عَدۡنٖ يَدۡخُلُونَهَا يُحَلَّوۡنَ فِيهَا
مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٖ وَلُؤۡلُؤٗاۖ وَلِبَاسُهُمۡ فِيهَا حَرِيرٞ ٣٣﴾ [فاطر: 32- 33]، وَقَدْ هَدَاهُ اللَّهُ إلَى الصِّرَاط
المُسْتَقيم الَّذي تَكُونُ عَاقبَتُهُ فِيهِ إلَى الجَنَّة، وَيَحْصُلُ لَهُ مِنْ
نَقْصِ الأَمْن وَالاهْتدَاء بحَسَب مَا نَقصَ من إيمَانِهِ بظُلْمِهِ لنَفْسِهِ».
انْتَهَى.
3-
وَمِنْ أَسْبَابِ الأَمْن: اجْتمَاعُ الكَلمَة، وَطَاعَة وُلاَة الأُمُور
بالمَعْرُوف، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ
تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103].
وَقَالَ
تَعَالَى: ﴿وَلَا
تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ﴾
[الأنفال: 46]، فَالاجْتمَاعُ قُوَّةٌ، وَالفُرْقَةُ تُضْعِفُ كِيَانَ
المُجْتَمَع.
4-
وَمِنْ مُقَوِّمَات الأَمْن: شُكْرُ النِّعْمَة، وَمِنْ أَسْبَابِ زَوَاله كُفْرُ
النِّعْمَة، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذۡ تَأَذَّنَ رَبُّكُمۡ لَئِن شَكَرۡتُمۡ
لَأَزِيدَنَّكُمۡۖ وَلَئِن كَفَرۡتُمۡ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٞ﴾ [إبراهيم: 7].
وَقَالَ
تَعَالَى: ﴿ذَٰلِكَ
بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمۡ يَكُ مُغَيِّرٗا نِّعۡمَةً أَنۡعَمَهَا عَلَىٰ قَوۡمٍ
حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡ﴾
[الأنفال: 53].
وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ﴾ [النحل: 112].