وَقَالَ عَنْ سَبَإٍ: ﴿لَقَدۡ كَانَ لِسَبَإٖ فِي مَسۡكَنِهِمۡ ءَايَةٞۖ جَنَّتَانِ
عَن يَمِينٖ وَشِمَالٖۖ كُلُواْ مِن رِّزۡقِ رَبِّكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥۚ بَلۡدَةٞ
طَيِّبَةٞ وَرَبٌّ غَفُورٞ ١٥فَأَعۡرَضُواْ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سَيۡلَ ٱلۡعَرِمِ
وَبَدَّلۡنَٰهُم بِجَنَّتَيۡهِمۡ جَنَّتَيۡنِ ذَوَاتَيۡ أُكُلٍ خَمۡطٖ وَأَثۡلٖ وَشَيۡءٖ
مِّن سِدۡرٖ قَلِيلٖ ١٦ذَٰلِكَ جَزَيۡنَٰهُم بِمَا كَفَرُواْۖ وَهَلۡ نُجَٰزِيٓ إِلَّا
ٱلۡكَفُورَ ١٧وَجَعَلۡنَا بَيۡنَهُمۡ وَبَيۡنَ ٱلۡقُرَى ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَا
قُرٗى ظَٰهِرَةٗ وَقَدَّرۡنَا فِيهَا ٱلسَّيۡرَۖ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ
وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ ١٨فَقَالُواْ رَبَّنَا بَٰعِدۡ بَيۡنَ أَسۡفَارِنَا وَظَلَمُوٓاْ
أَنفُسَهُمۡ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَحَادِيثَ وَمَزَّقۡنَٰهُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍۚ إِنَّ فِي
ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ ١٩﴾
[سبأ: 15 - 19].
وَهَكَذَا
نَجدُ فِي هَذِهِ الآيَات أَنَّ اسْتقْرَارَ الأَمْن مَرْبُوطٌ بشُكْر النِّعْمَة،
وَأَنَّ زَوَالَهُ مَقْرُونٌ بكُفْرهَا، كَمَا نَجدُ أَنَّ تَوَافُرَ الأَمْن لاَ
بُدَّ أَن يَسْبقَ تَوَافُر الغِذَاءِ، ممَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّرُورَةَ
إلَيْه أَشَدُّ مِنَ الضَّرُورَة إلَى الغِذَاءِ؛ لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ
التَّلَذُّذُ بالغِذَاءِ لَوْ تَوَافَرَ مَعَ عَدَم الأَمْن وَالاسْتِقْرَارِ؛
وَلهَذَا كَانَ فِي دُعَاءِ الخَلِيلِ عليه السلام تَقْديمُ طَلَب الأَمْنِ عَلَى
طَلَب الرِّزْق، كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ عَنْهُ فِي قَوْله:﴿وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِۧمُ رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا
بَلَدًا ءَامِنٗا وَٱرۡزُقۡ أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ﴾
[البقرة: 126].
وَقَد
امْتَنَّ اللَّهُ عَلَى قُرَيْشٍ بتَوْفير هَاتَيْن النِّعْمَتَيْن، وَأَمَرَهُم
أَن يُفْرِدُوهُ بالعِبَادَةِ شُكْرًا لَهُ عَلَى ذَلكَ، فَقَالَ: ﴿لِإِيلَٰفِ قُرَيۡشٍ
١إِۦلَٰفِهِمۡ رِحۡلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيۡفِ ٢فَلۡيَعۡبُدُواْ رَبَّ هَٰذَا ٱلۡبَيۡتِ
٣ٱلَّذِيٓ أَطۡعَمَهُم مِّن جُوعٖ وَءَامَنَهُم مِّنۡ خَوۡفِۢ ٤﴾ [قريش: 1 - 4].
وسائل حفظ الأمن في الإسلام
****
وَلَمَّا كَانَ تَوَفُّرُ الأَمْن ضَرُورَةً من ضَرُوريَّات المُجْتَمَع التي تَفُوقُ ضَرُورَةَ الغِذَاءِ، اهْتَمَّ الإسْلاَمُ بتَوْفِيرِ الأَسْبَاب الجَالبَة للأَمْن، وَذَلكَ ببِنَاءِ