عَظيمٌ، وَمزلَّة أَقْدَام، وَمَضلَّة أَفْهَام،
وَالخَطَأُ في العَقيدَة لَيْسَ كَالخَطَإ فيمَا دُونَهَا؛ لأَنَّ الَّذي يُخْطئُ
في العَقيدَة، يُخْشَى عَلَيْه من الكُفْر وَالانْحرَاف الشَّدِيدِ، وَالضَّلاَل
البَعيد.
أَمَّا
الَّذي يُخْطئُ فيمَا دُونَ ذَلكَ؛ فَإنَّ خَطَأَهُ أَخَفُّ وَإنْ كَانَ الخَطَأُ
في الدِّين كُلِّه لاَ يَجُوزُ، وَلاَ يَجُوزُ للإنْسَان أَن يَسْتَمرَّ عَلَى
خَطَإٍ أَو يُقَلِّدَ مُخْطئًا، وَلَكن الخَطَأَ بَعْضه أَشَدُّ من بَعْضٍ.
وَالخَطَأُ
في العَقيدَة هُوَ أَشَدُّ الخَطَإِ، وَالانْحرَافُ في العَقيدَة هُوَ أَشَدُّ
الانْحرَاف؛ لأَنَّ الخَطَأَ في العَقيدَة لاَ جَبْرَ لَهُ، وَأَمَّا الخَطَأُ فِيمَا
دُونَ ذَلكَ، فَهُوَ تَحْتَ المَشيئَة: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ
وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدۡ
ضَلَّ ضَلَٰلَۢا بَعِيدًا﴾
[النساء: 116]، وَفِي الآيَة الأُخْرَى: ﴿وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا
عَظِيمًا﴾ [النساء: 48].
الإيمان ببقية أصول الدين
****
أَمَّا
الإيمَانُ ببَقيَّة أُصُول الدِّين: الإيمَانُ بالمَلاَئكَة، وَالكُتُب،
وَالرُّسُل، وَاليَوْم الآخِرِ، وَالقَدَر خَيْرِهِ وَشَرِّه، هَذِهِ كُلُّهَا
تَابعَةٌ لِلإيمَان باللَّه عز وجل، وَكُلُّهَا مُتَفَرِّعَةٌ عَن الإيمَان به
سبحانه وتعالى؛ لأَنَّهُ قَد أَخْبَرنَا بوُجُود المَلاَئكَة، وَأَخْبَرنَا
بالغُيُوب المَاضيَة، وَإرْسَال الرُّسُل، وَأَخْبَرنَا عَن اليَوْم الآخِرِ،
وَمَا يَكُونُ فيه.
فَيَجبُ
عَلَيْنَا أَن نُؤْمنَ بذَلكَ، وَأَغْلَبُ ذَلكَ من الإيمَان بالغَيْب.
وَنَحْنُ
نُؤْمنُ باللَّه، وَنُؤْمنُ بمَلاَئكَتِهِ، وَهَذَا من أَعْظَم الإيمَان بالغَيْب.
وَنُؤْمنُ
كَذَلكَ بالرُّسُل وَإنْ لَم نَرَهُمْ، وَلَكنَّنَا نُؤْمنُ بهم لخَبَر اللَّه عز
وجل أَنَّهُ أَرْسَلَ رُسُلاً مُبَشِّرينَ وَمُنْذرينَ، أَوَّلُهُم نُوحٌ
وَآخِرُهُم مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.