فَكُلُّ شَيْءٍ مَكْتُوبٌ في اللَّوْح
المَحْفُوظ، لاَ يَتَخَلَّفُ منْهُ شَيْءٌ، مَقَادير الخَلْق، وَكِتَابَة القَدَر
في اللَّوْح المَحْفُوظ سَابقَة لخَلْق السَّمَاوَات وَالأَرْض بخَمْسينَ أَلْف
سَنَةٍ، كَمَا في الحَدِيثِ الصَّحيح كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَعِندَنَا
كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ﴾ [ق: 4].
الدَّرَجَةُ
الثَّالثَةُ: أَن نُؤْمنَ بمَشيئَة اللَّه الشَّاملَة، وَإرَادَته لكُلِّ شَيْءٍ،
وَأَنَّ اللَّهَ إذَا أَرَادَ شَيْئًا بالإرَادَة الكَوْنيَّة وَشَاءَهُ، فَلاَ
بُدَّ من وُقُوعِهِ، وَأَنَّهُ لاَ يَقَعُ شَيْءٌ في الكَوْن إلاَّ بإرَادَة
اللَّه سبحانه وتعالى، وَمَشيئَته وَتَدْبيره.
الدَّرَجَةُ
الرَّابعَةُ: وَهي الأَخيرَة: أَن نُؤْمنَ بأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ هُوَ مَخْلُوقٌ
للَّهِ سبحانه وتعالى: ﴿ٱللَّهُ
خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٞ﴾ [الزمر: 62].
كُلُّ
مَا فِي الكَوْن، مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ هُوَ من خَلْق اللَّه سبحانه وتعالى،
وَإيجَادِهِ، لاَ أَحَدَ يُوجِدُ في الكَوْن شَيْئًا، وَلاَ أَحَدَ يَخْلُقُ
شَيْئًا في هَذَا الكَوْن من دُون اللَّه.
إرادة الإنسان لا تخرج عن إرادة الله عز وجل
****
وَهَذَا
لاَ يَمْنَعُ أَن يَكُونَ للْعَبْد إرَادَةٌ وَمَشيئَةٌ، وَأَنْ يَكُونَ لَهُ
اخْتيَارٌ وَفِعْلٌ، وَقُدْرَة بهَا يَقْدر عَلَى الفِعْلِ وَالتَّرْك، وَبهَا
يَقْدرُ عَلَى اخْتيَار الضَّارِّ منَ النَّافع.
فَالإنْسَانُ يَفْعَلُ بإرَادَتِهِ الخَيْرَ وَالحَسَنَات وَالطَّاعَات، وَبإرَادَته يَتْرُكُ الطَّاعَات وَالوَاجبَات، وَبهَا يَفْعَلُ المَعَاصي وَالشُّرُورَ وَالمُخَالَفَات، وَهُوَ يُحَاسَبُ عَلَى إرَادَتِهِ وَعَلَى فِعْلِهِ، وَلَكن إرَادَته وَمَشِيئَته لاَ تَخْرُجُ عَنْ مَشيئَة اللَّه عز وجل، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [التكوير: 29].