بَل شَبَّه اللَّهُ العَالِمَ الَّذي لاَ
يَعْمَلُ بعِلْمِهِ بالكَلْب، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱلَّذِيٓ ءَاتَيۡنَٰهُ ءَايَٰتِنَا
فَٱنسَلَخَ مِنۡهَا﴾ [الأعراف:
175] فَقَوْلُهُ: ﴿ءَاتَيۡنَٰهُ
ءَايَٰتِنَا﴾ [الأعراف: 175]، أَيْ:
أَنَّهُ عَالِمٌ، لَكنَّهُ انْسَلَخَ منْهَا، فَلَمْ يَعْمَلْ بِهَا، ﴿فَكَانَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ﴾ [الأعراف: 175] ﴿وَلَوۡ شِئۡنَالَرَفَعۡنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ
أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ﴾
[الأعراف: 176]
مَعْنَاهُ:
أَنَّهُ لَم يَفْعَل الأَسْبَابَ التي يَرْفَعُهُ اللَّهُ بهَا، وَهيَ العَمَلُ
بعِلْمِهِ، ولكنه أخلد إلى الأرض ﴿وَلَوۡ شِئۡنَالَرَفَعۡنَٰهُ بِهَا وَلَٰكِنَّهُۥٓ
أَخۡلَدَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُۚ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ ٱلۡكَلۡبِ
إِن تَحۡمِلۡ عَلَيۡهِ يَلۡهَثۡ أَوۡ تَتۡرُكۡهُ يَلۡهَثۚ ذَّٰلِكَ مَثَلُ ٱلۡقَوۡمِ
ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِنَاۚ فَٱقۡصُصِ ٱلۡقَصَصَ لَعَلَّهُمۡ
يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: 176]، مَعْنَاهُ:
لَم يُرِد الرِّفْعَةَ بالعِلْمِ وَالعِزَّةِ، وَإنَّمَا أَرَادَ أَطْمَاعَ
الدُّنْيَا، وَشَهَوَات الدُّنْيَا المُحَرَّمَة، فَهُوَ لاَ يَرْتَفعُ، وَإنَّمَا
يَنْخَفضُ، فَهُوَ ﴿أَخۡلَدَ
إِلَى ٱلۡأَرۡضِ وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُۚ﴾
[الأعراف: 176]، وَلَمْ يَتَّبع العِلْمَ الَّذي أُوتِيه، وَلَكنَّهُ اتَّبَعَ
هَوَاهُ، وَالعِيَاذُ باللَّهِ، هَوَاهُ الَّذي يُخَالفُ مَا عَلَّمهُ اللَّه.
واجب العالم
****
وَالوَاجبُ
عَلَى العَالِمِ: أَنْ يَكُونَ هَوَاهُ تَابعًا لمَا جَاءَ به النَّبيُّ صلى الله
عليه وسلم، كَمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ
بِهِ» ([1]).
فَالعَالِمُ عَلَيْه أَن يَعْمَلَ بالحَقِّ وَإنْ كَانَ يُخَالفُ هَوَاهُ، وَإلاَّ صَارَ مِنْ عَبَدَة الهَوَى، قَالَ تَعَالَى: ﴿أَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيۡهِ وَكِيلًا﴾ [الفرقان: 43].
([1]) أخرجه: ابن أبي عاصم في ((السنة)) رقم (15).