×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

وَهَذَا فَرْقٌ بَيْنَ الدَّاعيَةِ المُخْلِصِ وَالدَّاعيَةِ غَيْرِ المُخْلِصِ، وَهَذَا فَرْقٌ مَا بَيْنَ الدَّعْوَة الصَّحيحَة وَالدَّعْوَة غَيْر الصَّحيحَة، فَالوَاجبُ عَلَيْنَا - أَيُّهَا الإِخْوَةُ - ثَقيلٌ، وَمَسْئُوليَّةٌ عَظيمَةٌ نَحْوَ دِينِنَا، وَنَحْو عَالَمنَا كُلِّه، وَنَحْو إخْوَانِنَا المُسْلِمِينَ، كُلُّ مَا حَصَلَ من نَقْصٍ فَنَحْنُ مَسْئُولُونَ عَنْهُ.

وَالَّذي أُريدُهُ من نَفْسي أوَّلاً، وَمِنْكُم وَمِنْ غَيْركُمْ من إخْوَاننَا المُسْلمينَ في أَيِّ مَكَانٍ أَن تَنْتَبهُوا لوَاقِعِكُم وَمَا يُحَاكُ ضِدَّكُمْ، وَأَن تَعُدُّوا لذَلكَ عُدَّتهُ، وَلتَعْلَمُوا أَنَّ العَمَلَ الفَرْديَّ فيه خَيْرٌ لَكنَّهُ قَليلٌ، أَمَّا العَمَلُ الجَمَاعيُّ وَالتَّعَاوُن فَهُوَ يُجْدي خَيْرًا كَثيرًا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ [المائدة: 2].

فَالتَّعَاوُنُ فِيهِ فَائدَةٌ كَبيرَةٌ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ [آل عمران: 103].

فَالوَاجبُ أَنْ تَكُونَ دَعْوَتُنَا وَاحدَةً، وَأَن يَكُونَ هَدَفُنَا وَاحدًا، وَأَن نَتَعَاوَنَ عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى، وَأَن نَتَفَقَّهَ، وَأَن نَتَبَصَّرَ فيمَا نَدْعُو النَّاسَ إلَيْه، وَنُبصِّرهُمْ بِهِ حَتَّى يَكُونَ لدَعْوَتنَا آثَارٌ حَميدَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَهَذَا مَا نَرْجُوهُ، وَلاَ نَيْأَسُ وَإنْ كَثُرَ الشَّرُّ، وَإنْ كَثُرَ دُعَاةُ الضَّلاَل، وَإنْ كَثُرَت وَسَائلُ الفَسَاد، وَلَكن الحَقَّ إذَا قَامَ به أَهْلُهُ، فَلَن يَقِفَ في وَجْهِهِ بَاطلٌ مَهْمَا بَلَغَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿بَلۡ نَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَى ٱلۡبَٰطِلِ فَيَدۡمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٞۚ [الأنبياء: 18].

محمد صلى الله عليه وسلم الداعية القدوة

****

وَقَفَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ شَخْصٌ وَاحدٌ بَيْنَ أَهْل الأَرْض كُلِّهم بمَا فِيهِم اليَهُودُ وَالمَجُوسُ وَالنَّصَارَى وَالوَثَنيُّونَ، وَقَفَ - وَهُوَ شَخْصٌ وَاحدٌ - 


الشرح