فَمَهْمَا بَذَلُوا وَأَنْفَقُوا، وَأَتْعَبُوا
أَنْفُسَهُم؛ فَإنَّ المُسْلمينَ إذَا اتَّقَوْا رَبَّهُمْ، وَعَمِلُوا بطَاعَته،
وَتَجَنَّبُوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهمْ، وَحَافَظُوا عَلَى دِينِهمْ؛ فَإنَّ
كُلَّ هَذِهِ المَجْهُودَات تَذْهَبُ سُدًى، وَتَرْتَدُّ إلَى نُحُور أَصْحَابهَا،
كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَا
يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيًۡٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ﴾ [آل عمران: 120].
وَلَكِنَّ
المُصيبَةَ إذَا تَسَاهلَ المُسْلمُونَ، وَتَجَاهَلُوا وَتَغَافَلُوا عَنْ هَذِهِ
الأَخْطَار، فَهُنَا تَأْخُذُ طَريقهَا، وَتُصيبُ هَدَفَهَا، وَعنْدَ ذَلكَ
يُصَابُ المُسْلمُونَ مِنْ مَقْتَلهم في عُقْر دَارِهمْ.
أعداء الإسلام يكيدون لأهله
****
وَالكُفَّارُ
من قَدِيمِ الزَّمَان، وَمُنْذُ أَنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ
يَكيدُونَ لهَذَا الدِّين، قَالَ تَعَالَى: ﴿مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ
وَلَا ٱلۡمُشۡرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ خَيۡرٖ مِّن رَّبِّكُمۡۚ﴾ [البقرة: 105]
وَإذَا
كَانُوا لاَ يَوَدُّونَ هَذَا، فَسَيَعْمَلُونَ لَيْلَ نَهَارٍ بمُخْتَلف
الوَسَائل لصَدِّ الخَيْر عَنَّا، وَإغْرَائنَا بالشَّرِّ ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمۡوَٰلَهُمۡ
لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيۡهِمۡ
حَسۡرَةٗ ثُمَّ يُغۡلَبُونَۗ﴾
[الأنفال: 36]
مَتَى
يَكُونُ هَذَا؟
إذَا
كَانَ لَهُمْ مُغَالبٌ منَ المُسْلمينَ، وَإذَا كَانَ لَهُمْ مَنْ يَقِفُ في
نُحُورهمْ، وَإذَا كَانَ لَهُمْ مَنْ يَرُدُّ كَيْدَهُمْ، وَيُقَابلُهُمْ بقُوَّة
الإِيمَانِ، وَقُوَّة الجِهَادِ، فَإنَّهُم يَغْلبُونَ بإِذْنِ اللَّه.
فَهَذَا
يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَن يَكُونَ هُنَاكَ مُغَالبَةٌ يَغْلبُونَ بهَا،
وَاللَّهُ جل وعلا مَعَ المُتَّقينَ دَائمًا وَأَبَدًا، وَمَعَ الصَّابرينَ،
وَمَعَ المُؤْمنينَ، وَمَعَ المُحْسنينَ بنَصْره وَتَوْفيقِهِ وَتَسْديدِهِ.