أَمَّا إذَا تَخَلَّى المُسْلمُونَ عَنْ وَاجِبِهم،
وَتَكَاسَلُوا عَن نُصْرَة دِينِهمْ؛ فَإنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى يُعَاقبُهُم
بتَسْليط الأَعْدَاء، وَإِدَالَتِهِم عَلَيْهم، فَإنْ رَجَعُوا إلَى دِينِهمْ،
عَادَ لَهُمُ النَّصْرُ وَالتَّوْفيقُ، وَإلاَّ سَيَضيعُونَ في مُعْتَرَك
الحَيَاة.
للدِّين رَبٌّ يَحْمِيه وَيَنْصُره
****
نَحْنُ
لاَ نَخْشَى عَلَى الدِّين، وَلَكنَّنَا نَخْشَى عَلَى أَنْفُسنَا؛ لأَنَّ
الدِّينَ لَهُ رَبٌّ يَنْصُرُهُ وَيَحْميه، وَيُقَيِّضُ لَهُ أَنْصَارًا لاَ
نَعْلَمُهُمْ، وَلَكنَّنَا نَخْشَى عَلَى أَنْفُسنَا أَنْ نَهْلِكَ، وَأَن يُسْتَبْدلَ
بنَا غَيْرنَا، وَإلاَّ فَدينُ اللَّهِ عز وجل مَنْصُورٌ، يَقُولُ اللَّهُ
تَعَالَى: ﴿وَإِن
تَتَوَلَّوۡاْ يَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا يَكُونُوٓاْ
أَمۡثَٰلَكُم﴾ [محمد: 38]، وَقَالَ: ﴿إِنَّا نَحۡنُ
نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ﴾
[الحجر: 9].
فَكُلُّ
مُسْلمٍ يَخْشَى عَلَى دينِهِ هُوَ، وَعَلَى نَفْسِهِ أَن يُفْلتَ مِنْ هَذَا
الدِّين، وَأَن تُفْلتَ يَدُهُ من العُرْوَة الوُثْقَى، وَإلاَّ فَاللَّهُ عز وجل
يُقَيِّضُ لدينِهِ أَنْصَارًا آخَرينَ.
يَقُولُ
الإمَامُ العَلاَّمَةُ ابْنُ القيِّم:
وَالدِّينُ مَنْصُورٌ وَمُمْتَحنٌ فَلاَ **** تَعْجَبْ
فَهَذِي سُنَّة الرَّحْمَنِ
الصراع بين الحق والباطل
****
مَا
زَالَ الصِّرَاعُ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطل قَديمًا، وَمَا زَالَ المُؤْمنُونَ
مَعَ الكَافِرِينَ في صِرَاعٍ مُسْتَمرٍّ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ
أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ ٢وَلَقَدۡ
فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ
وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ ٣﴾
[العنكبوت: 2- 3] وَالابْتلاَءُ وَالامْتحَانُ مَوْجُودَان من قَدِيمِ الزَّمَان، سُنَّة
اللَّهِ في خَلْقه ﴿وَلَن
تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗا﴾