[الأحزاب: 62]، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ذَٰلِكَۖ
وَلَوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَٱنتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَٰكِن لِّيَبۡلُوَاْ بَعۡضَكُم
بِبَعۡضٖۗ﴾ [محمد: 4].
فَنَحْنُ
نَخْشَى عَلَى دِينِنَا، وَعَلَى أَنْفُسنَا، وَعَلَى بلاَدنَا، وَعَلَى
أَوْلاَدنَا، وَعَلَى جَمَاعَة المُسْلمينَ من أَنْ يُصَابُوا بتَقْصِيرِهم
وَإهْمَالهم، وَيُعَاقَبُوا بتَفْرِيطِهمْ، وَأَنْ يَنْتَقلَ هَذَا الدِّينُ منَّا
إلَى غَيْرنَا، فَنُفْلسَ منْهُ وَنَخْسَر، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّة إلاَّ
باللَّه.
فَالوَاجبُ
عَلَيْنَا جَميعًا أَن نَرْجعَ إلَى رَبِّنَا، وَأَن نُحَاسبَ أَنْفُسَنَا، وَأَن
نَتَنَبَّهَ لخَطَر أَعْدَائنَا وَكَيْدهم وَمَكْرِهِمْ، وَأَن نُضَاعفَ
الجُهُودَ، وَأَن نَتَعَاوَنَ فيمَا بَيْنَنَا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى، وَأَن
نُقَابلَ العَدُوَّ بالسِّلاَح الَّذي يُبْطلُ كَيْدَهُ.
وَمَعَنَا
- وَالحَمْدُ للَّه - مَا يُدْحِضُ كُلَّ شُبْهَةٍ، وَيَرُدُّ عَلَى كُلِّ بَاطلٍ،
وَمَعَنَا كِتَابُ اللَّه الَّذي لاَ يَأْتيه البَاطلُ مِنْ بَيْن يَدَيْه، وَلاَ
من خَلْفه، تَنْزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَميدٍ.
وَمَعَنَا
سُنَّة رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا رَوَاهَا الثِّقَاتُ الأَثْبَاتُ
مُدَوَّنَةً وَمَحْفُوظَةً، كَمَا قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ
تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي: كِتَابَ اللهِ وَسُنَّتِي» ([1])،
وَلَمَّا ذَكرَ مِنَ الفِتَنِ أَوْصَى بالتَّمَسُّك بسُنَّته وَسُنَّة الخُلفَاء
الرَّاشدينَ.
فَقَد رَوَى العِرْبَاض بْنُ سَاريَة السُّلَميُّ رضي الله عنه قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم مَوْعِظَةً بَلِيغَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ كأنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا. قَالَ: «أُوصيكُمْ بتَقْوَى اللَّه، وَالسَّمْع وَالطَّاعَة، وَإنْ تَأمَّرَ عَلَيْكُم عَبْدٌ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِين، عَضُّوا عَلَيْهَا