بِالنَّوَاجِذِ،
وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ»
([1])،
هَكَذَا أَوْصَانَا رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم بَعْدَمَا أَخْبَرنَا
أَنَّهُ سَيَكُونُ هُنَاكَ اخْتلاَفٌ، وَاخْتلاَفٌ كَثيرٌ.
لَكنَّهُ
صلى الله عليه وسلم أَرْشَدَنَا إلَى المُنْقذ مِنْ هَذَا الاخْتلاَف، وَهُوَ
التَّمَسُّكُ بسُنَّته وَسُنَّة الخُلَفَاء الرَّاشدينَ، وَأَكَّدَ ذَلكَ بقَوْله:
«عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ»؛
وَذَلكَ أَنَّ الغَريقَ إذَا كَانَ في لُجَّة البَحْر، أَوْ لُجَّة المَاءِ،
وَكَانَ مَعَهُ حَبْلٌ، فَإنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا أَفْلَتَ مِنْ هَذَا
الحَبْل، فَسَيَغْرَقُ وَيَهْلكَ، فَهُوَ من شِدَّةِ حِرْصِهِ يَعَضُّ عَلَى هَذَا
الحَبْل بأَضْرَاسه؛ خَوْفًا أَن يَنْفَلتَ منْهُ. كَذَلكَ المُسْلمُونَ في مَوْج
الفِتَنِ لاَ مُنْقذَ لَهُم بَعْدَ اللَّه سبحانه وتعالى وَتَوْفيقه إلاَّ
التَّمَسُّك بمَا جَعَلَهُ اللَّهُ سَبَبًا للنَّجَاة، وَهُوَ سُنَّة رَسُول
اللَّه صلى الله عليه وسلم، وَسُنَّة خُلَفَائِهِ الرَّاشدينَ، ثُمَّ حَذَّرَ مِنَ
البِدَعِ.
التحذير من البدع
****
وَالبِدْعَةُ
كَمَا تَعْلَمُونَ: كُلُّ مَا خَالَفَ السُّنَّة، فَكُلُّ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ
يُخَالفُ سُنَّة رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم ـ وَلَيْسَ فيهَا أَصْلٌ،
فَإنَّهُ ممَّا لَم يُشَرِّعْهُ اللَّهُ، وَلاَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم،
وَهُوَ بدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.
صَلاَةُ
التَّرَاويح لَيْسَت بِدْعَةً، وَلَكنَّهَا سُنَّةٌ:
وَلَيْسَ هُنَاكَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ، كَمَا يَقُولُ بَعْضُ الجُهَّال، البِدَعُ كُلُّهَا ضَلاَلٌ، كَمَا حَكَمَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بقَوْله: «فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([2]) وَفي روَايَةٍ: «وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ» ([3]).
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).