×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

أَمَّا قَوْلُ أَمِيرِ المُؤْمنينَ عُمَرَ بْن الخَطَّاب رضي الله عنه في صَلاَة التَّرَاويح: «نِعْمَتُ البِدْعَة هَذِهِ»، فَهُوَ لاَ يَقْصدُ البِدْعَةَ في الدِّين؛ لأَنَّهُ قَالَ هَذِهِ الكَلمَة لمَّا جَمَعَ النَّاس عَلَى صَلاَة التَّرَاويح، وَصَلاَةُ التَّرَاويحِ لَيْسَت بِدْعَةً، وَإنَّمَا هيَ سُنَّةٌ ثَبَتَت عَن رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، صَلاَّهَا بأَصْحَابه لَيَالي من رَمَضَانَ، ثُمَّ تَأَخَّرَ عَنْهُمْ في آخِرِ الأَمْر خَشْيَةَ أَن تُفْرضَ عَلَيْهمْ، وَكَانَ الأَمْرُ عَلَى هَذَا في خِلاَفَةِ أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيق، وَصَدْرًا من خلاَفَة عُمَرَ يُصلُّونَهَا مُتَفَرِّقينَ، ثُمَّ جَمَع عُمَرُ النَّاس عَلَى إمَامٍ وَاحدٍ، كَمَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَعُمَرُ أَحْيَا هَذه السُّنَّة وَلَم يَأْت ببِدْعَةٍ، وَإنَّمَا قَوْلُهُ: «نِعْمَتُ البدْعَة هَذِهِ»، قَصْدهُ بِذَلكَ - وَاللَّهُ أَعْلَم - البِدْعَةُ اللُّغَويَّةُ لاَ البِدْعَةُ الشَّرْعيَّةُ؛ لأَنَّ البِدْعَةَ الشَّرْعيَّةَ لاَ تَجُوزُ فِي الإسْلاَم، وَالدَّليلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا: أَنَّهُ يَعْني صَلاَةَ التَّرَاويح، وَصَلاَةُ التَّرَاويح لَيْسَت بِدْعَةً، وَإنَّمَا هيَ سُنَّةٌ.

·       الحَاصِلُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ:

إِنَّنَا - كَمَا ذَكَرْنَا - في زَمَانٍ يَسْتَدْعي منَّا مُضَاعَفَة الجُهُود، وَتَعَاوُن الإخْوَان فيمَا بَيْنَهُمْ، وَتَدَارُسهم لأُمُور المُسْلِمِينَ، وَالاطِّلاَع عَلَى مَا يُنْشَرُ، وَالاسْتمَاع لِمَا يُذَاعُ مَهْمَا أَمْكَنَنَا ذَلكَ؛ لنُقَابلَ ذَلكَ بالبَيَان، وَلنَرُد كَيْدَ الأَعْدَاء عَنْ دِينِنَا، وَعَنْ أُمَّتنَا المُسْلمَة، لاَ نَكُونُ غَافِلِينَ أَوْ مُتَوَاكلينَ، كُلٌّ منَّا يَقُولُ: المَسْئُوليَّةُ عَلَى فُلاَنٍ، كُلٌّ - وَاللَّهِ - عَلَيْه مَسْئُوليَّة بصِفَةِ أَنَّهُ مُسْلمٌ، وَبِصِفَةِ أَنَّهُ يَنْتَسبُ إلَى العِلْمِ، وَبِصِفَةِ أَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَقُومَ بمَجْهُودٍ وَلَو مَجْهُود بَسِيط نَحْو هَذِهِ الشُّرُور الزَّاحفَة، كُلٌّ منَّا مُكَلَّفٌ وَمَسْئُولٌ، وَعَلَيْه مَسْئُوليَّةٌ عَظيمَةٌ، لاَ سيَّمَا إذَا فَرَغَ لهَذَا الأَمْر، وَعُيِّنَ لهَذَا الأَمْر من قِبَلِ وُلاَة الأُمُور؛ فَإنَّ الوَاجبَ عَلَيْه أَكْبَرُ


الشرح