لَقَد جَعَلَهُ اللَّهُ أَحَدَ أَرْكَان
الإسْلاَم، وَأَحَد مَبَانيه العِظَام، كَمَا قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:
«الإِْسْلاَمُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لاَ
إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ،
وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ البَيْتُ إِنِ اسْتَطَعْتَ
إِلَيْهِ سَبِيلاً» ([1]).
وَقَالَ
صلى الله عليه وسلم: «بُنِيَ الإِْسْلاَمُ
عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ
اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ
رَمَضَانَ» ([2]).
وَبَيَّنَ
صلى الله عليه وسلم أَنَّ هَذِهِ الفَريضَةَ تَتَمَثَّلُ بأَدَاء الحَجِّ مَرَّةً
وَاحدَةً في العُمُر، وَمَا زَادَ عَنْهَا فَهُوَ تَطَوُّعٌ، وَذَلكَ أَنَّهُ صلى
الله عليه وسلم أَمَرَ بالحَجِّ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابه: أَكُلَّ عَامٍ يَا
رَسُولَ اللهِ ؟ فَقَالَ: «بَلْ مَرَّةً
وَاحِدَةً، فَمَنْ زَادَ، فَهُوَ تَطَوُّعٌ» ([3]).
فَالحَجُّ مِنَ العبَادَات العَظيمَة الَّتي تُؤَدَّى جَمَاعَةً فِي مَوَاقيتَ
مَخْصُوصَةٍ، فَالصَّلَوَاتُ الخَمْسُ يَتَكَرَّرُ الاجْتمَاعُ لأَدَائهَا في
اليَوْم وَاللَّيْلَة خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي المَسَاجد، وَالجُمُعَة يَتَكَرَّرُ
الاجْتمَاعُ لأَدَائهَا كُلَّ أُسْبُوعٍ في الجَوَامع، وَالحَجُّ يَتَكَرَّرُ
الاجْتمَاعُ لأَدَائه كُلَّ عَامٍ في المَسْجِدِ الحَرَام وَالمَشَاعر، وَهَكَذَا
كُلُّ اجْتمَاعٍ أَكْبَر مِنَ الآخَرِ، وَكُلَّمَا كَانَ الاجْتمَاعُ أَكْثَرَ،
كَانَ تَكْرَارُهُ أَقَلَّ؛ دَفْعًا للْمَشَقَّة وَالحَرَج.
وَالحَجُّ وَإنْ كَانَ يُؤَدَّى في أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ﴾ [البقرة: 203]، إلاَّ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَسَّعَ وَقْتَ الإحْرَام به، حَيْثُ يَقُولُ سُبْحَانَهُ: ﴿ٱلۡحَجُّ أَشۡهُرٞ مَّعۡلُومَٰتٞۚ﴾ [البقرة: 197]
([1]) أخرجه: مسلم رقم (8).