×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

لَبِئۡسَ مَا قَدَّمَتۡ لَهُمۡ أَنفُسُهُمۡ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ وَفِي ٱلۡعَذَابِ هُمۡ خَٰلِدُونَ ٨٠وَلَوۡ كَانُواْ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِيِّ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمۡ أَوۡلِيَآءَ وَلَٰكِنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ ٨١ [المائدة: 80- 81].

القِسْمُ الثَّالثُ: مَنْ يُحَبُّ مِنْ وَجْهٍ، ويُبْغَض من وَجْهٍ آخَرَ:

فَتَجْتَمعُ فِيهِ المَحَبَّةُ وَالعَدَاوَةُ، وَهُمْ عُصَاةُ المُؤْمِنِينَ، يُحَبُّونَ لِمَا فِيهِمْ منَ الإيمَانِ، وَيُبْغَضُونَ لِمَا فِيهِمْ منَ المَعْصيَةِ الَّتي هِيَ دُونَ الكُفْر وَالشِّرْك، وَمَحَبَّتهُمْ تَقْتَضي مُنَاصَحَتَهم، وَالإنْكَارَ عَلَيْهمْ، فَلاَ يَجُوزُ السُّكُوتُ عَلَى مَعَاصِيهمْ، بَل يُنْكَرُ عَلَيْهمْ، وَيُؤْمَرُونَ بالمَعْرُوف، وَيُنْهَوْنَ عَن المُنْكَر، وَتُقَامُ عَلَيْهم الحُدُودُ وَالتَّعْزيرَاتُ؛ حَتَّى يَكُفُّوا عَنْ مَعَاصيهمْ، وَيَتُوبُوا عَنْ سَيِّئَاتهمْ، وَلَكِن لاَ يُبْغَضُونَ بُغْضًا خَالصًا، وَيُتَبَرَّأُ مِنْهُم كَمَا تَقُولُهُ الخَوَارجُ في مُرْتَكِبِ الكَبيرَة الَّتي هِيَ دُونَ الشِّرْك، وَلاَ يُحَبُّونَ وَيُوَالَوْنَ حُبًّا وَمُوَالاَةً خَالِصَيْن كَمَا تَقُولُ المُرْجئَةُ، بَل يُعْتَدلُ فِي شَأْنِهِمْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّة وَالجَمَاعَة.

وَالحُبُّ فِي اللَّهِ، وَالبُغْضُ فِي اللَّهِ أَوْثَقُ عُرَى الإِيمَانِ، وَالمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ يَوْمَ القِيَامَةِ كَمَا في الحَدِيثِ، وَقَدْ تَغَيَّرَ الوَضْعُ، وَصَارَ غَالبُ مُوَالاَة النَّاس وَمُعَادَاتُهُم لأَجْل الدُّنْيَا، فَمَنْ كَانَ عنْدَهُ مَطْمَعٌ مِنْ مَطَامِعِ الدُّنْيَا وَالَوْه، وَإنْ كَانَ عدُوًّا للَّه وَلرَسُولِهِ وَلِدِينِ المُسْلمينَ، وَمَنْ لَمْ يَكُن عِنْدَهُ مَطْمَعٌ مِنْ مَطَامعِ الدُّنْيَا، عَادَوْهُ وَلَو كَانَ وَليًّا للَّهِ وَلرَسُوله عنْدَ أَدْنَى سَبَبٍ، وَضَايَقُوهُ وَاحْتَقَرُوهُ.

وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّه بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «مَنْ أَحَبَّ فِي اللَّهِ، وَأَبْغَضَ فِي اللَّه، وَوَالَى فِي اللَّه، وَعَادَى فِي اللَّه، فَإنَّمَا تُنَالُ ولاَيَة اللَّهِ بِذَلكَ، وَقَدْ صَارَت عَامَّةُ مُؤَاخَاة النَّاس عَلَى أَمْر الدُّنْيَا، وَذَلكَ لاَ يُجْدي عَلَى أَهْلِهِ شَيْئًا»


الشرح