فَالمُؤْمنُونَ مِنْ أَوَّلِ الخَليقَة إلَى
آخِرِهَا مَهْمَا تَبَاعَدَت أَوْطَانُهُم، وَامْتَدَّت أَزْمَانُهُم، إخْوَةٌ
مُتَحَابُّونَ، يَقْتَدي آخِرُهُم بأَوَّلِهِمْ، وَيَدْعُو بَعْضُهُم لبَعْضٍ،
وَيَسْتَغْفرُ بَعْضُهُم لبَعْضٍ.
مظاهر الولاء والبراء
****
أوَّلاً:
من مظاهر موالاة الكفار.
·
وَللوَلاَء
وَالبَرَاء مَظَاهرُ تَدُلُّ عَلَيْهمَا:
1-
التَّشَبُّهُ بِهِمْ فِي المَلْبَس وَالكَلاَم وَغَيْرِهِمَا:
لأَنَّ
التَّشَبُّهَ بِهِمْ فِي المَلْبَس وَالكَلاَم وَغَيْرِهِمَا يَدُلُّ عَلَى
مَحَبَّة المُتَشبَّه به، وَلهَذَا قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»
([1]).
فَيَحْرُمُ
التَّشَبُّهُ بالكُفَّار فِيمَا هُوَ مِنْ خَصَائِصِهمْ، وَمِنْ عَادَاتِهِم
وَعِبَادَاتِهِمْ، وَسَمْتِهِم وَأَخْلاَقِهِمْ، كَحَلْق اللِّحَى، وَإطَالَة الشَّوَارب،
وَالرَّطَانَة بلُغَتهم إلاَّ عِنْدَ الحَاجَة، وَفي هَيْئَة اللِّبَاس وَالأَكْلِ
وَالشُّرْبِ، وَغَيْر ذَلكَ.
2-
الإقَامَةُ في بِلاَدِهِم، وَعَدَم الانْتقَال مِنْهَا إلَى بَلَد المُسْلمينَ
لأَجْل الفِرَارِ بالدِّين:
لأَنَّ الهِجْرَةَ بهَذَا المَعْنَى وَلهَذَا الغَرَض وَاجبَةٌ عَلَى المُسْلِمِ؛ لأَنَّ إقَامَتَهُ في بِلاَدِ الكُفْر تَدُلُّ عَلَى مُوَالاَة الكَافِرِينَ، وَمِنْ هُنَا حَرَّمَ اللَّهُ إقَامَةَ المُسْلمِ بَيْنَ الكُفَّار إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الهِجْرَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ ظَالِمِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمۡۖ قَالُواْ كُنَّا مُسۡتَضۡعَفِينَ فِي ٱلۡأَرۡضِۚ قَالُوٓاْ
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4031)، وأحمد رقم (5114).