×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

مُوتُواْ بِغَيۡظِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ١١٩إِن تَمۡسَسۡكُمۡ حَسَنَةٞ تَسُؤۡهُمۡ وَإِن تُصِبۡكُمۡ سَيِّئَةٞ يَفۡرَحُواْ بِهَاۖ وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيۡ‍ًٔاۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ ١٢٠ [آل عمران: 118- 120].

فَهَذِهِ الآيَاتُ الكَريمَةُ تَشْرَحُ دَخَائلَ الكُفَّار، وَمَا يُكِنُّونَهُ نَحْوَ المُسْلمينَ مِنْ بُغْضٍ، وَمَا يُدَبِّرُونَهُ ضِدَّهُمْ من مَكْرٍ وَخِيَانَةٍ، وَمَا يُحبُّونَهُ مِنْ مَضرَّة المُسْلِمِينَ وَإيصَال الأَذَى إلَيْهم بكُلِّ وَسِيلَةٍ، وَأَنَّهُم يَسْتَغلُّونَ ثِقَةَ المُسْلِمِينَ بِهِمْ، فَيُخَطِّطُونَ للإضْرَارِ بِهِمْ، وَالنَّيْل منْهُمْ.

رَوَى الإمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبي مُوسَى الأَشْعَريِّ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ لعُمَرَ رضي الله عنه: لِي كَاتِبٌ نَصْرَانيٌّ، قَالَ: مَا لَكَ قَاتَلَكَ اللَّهُ؟ أَمَا سَمِعْتَ قَوْلَ اللَّه تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ ٱلۡيَهُودَ وَٱلنَّصَٰرَىٰٓ أَوۡلِيَآءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ [المائدة: 51] ؟ أَلاَ اتَّخَذْتَ حَنِيفًا؟ قُلْتُ: يَا أَميرَ المُؤْمِنِينَ، لِي كتَابَتُهُ، وَلَهُ دِينُهُ. قَالَ: لاَ أُكْرِمُهُمْ إذْ أَهَانَهُمُ اللَّهُ، وَلاَ أُعِزُّهُمْ إذْ أَذَلَّهُمُ اللَّهُ، وَلاَ أُدْنِيهِمْ وَقَد أَقْصَاهُمُ اللَّهُ.

وَرَوَى الإمَامُ أَحْمَدُ وَمُسْلمٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى بَدْرٍ، فَتَبعَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَلَحِقَهُ عِنْدَ الحَرَّة، فَقَالَ: إِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَتْبَعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ، قَالَ: «تُؤْمِنُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ؟» قَالَ: لاَ. قَالَ: «ارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» ([1]).

وَمِنْ هَذِهِ النُّصُوص يَتَبَيَّنُ لَنَا تَحْريمُ تَوْليَة الكُفَّار أَعْمَالَ المُسْلِمِينَ الَّتي يَتَمَكَّنُونَ بِوَاسِطَتهَا منَ الاطِّلاَع عَلَى أَحْوَال المُسْلِمِينَ وَأَسْرَارهمْ، وَيَكيدُونَ لَهُمْ بإلْحَاقِ الضَّرَر بِهِمْ.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1817).