×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

11- حُكْمُ الاسْتِعَانَةِ بالكُفَّار في الوَظَائف وَالقِتَالِ وَنَحْو ذَلكَ:

( أ ) في الوَظَائف: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةٗ مِّن دُونِكُمۡ لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالٗا وَدُّواْ مَا عَنِتُّمۡ قَدۡ بَدَتِ ٱلۡبَغۡضَآءُ مِنۡ أَفۡوَٰهِهِمۡ وَمَا تُخۡفِي صُدُورُهُمۡ أَكۡبَرُۚ [آل عمران: 118].

قَالَ البَغَوِيُّ رحمه الله: ﴿لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةٗ مِّن دُونِكُمۡ [آل عمران: 118]

أَيْ: أَوْليَاءَ وَأَصْفِيَاءَ مِنْ غَيْر أَهْلِ مِلَّتِكُمْ، وَبطَانَةُ الرَّجُل: خَاصَّتُهُ، ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ العِلَّةَ فِي النَّهْي عَنِ اتِّخَاذهم بِطَانَةً، فَقَالَ: ﴿لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالٗا [آل عمران: 118]، أَيْ: لاَ يُقصِّرُونَ في عَمَلٍ مَا يَضُرُّكُمْ.

قَالَ شَيْخُ الإسْلاَم ابْنُ تَيْميَة: «فَقَد عَرَفَ أَهْلُ الخِبْرَة أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّة منَ اليَهُود وَالنَّصَارَى وَالمُنَافِقِينَ يُكَاتبُونَ أَهْلَ دِينِهمْ بأَخْبَار المُسْلِمِينَ، وَبمَا يَطَّلعُونَ عَلَيْه مِنْ أَسْرَارِهِمْ، وَمِنَ الأَبْيَات المَشْهُورَة:

كُلُّ العَدَاوَة قَدْ تُرْجَى مَوَدَّتُهَا **** إلاَّ عَدَاوَة مَنْ عَادَاكَ في الدِّينِ

وَلهَذَا وَغَيْرِهِ مُنِعُوا أَنْ يَكُونُوا عَلَى وِلاَيَة المُسْلمينَ -يَعْني: في الوَظَائف-، بَل إنَّ اسْتعْمَالَ مَنْ هُوَ دُونَهُم في الكِفَايَة -يَعْني: منَ المُسْلمينَ- أَنْفَعُ للْمُسْلمينَ في دِينِهِم وَدُنْيَاهُمْ، وَالقَلِيلُ منَ الحَلاَل يُبَاركُ فيه، وَالكَثيرُ منَ الحَرَام يَذْهَبُ وَيَمْحَقُهُ اللَّهُ تَعَالَى». انْتَهَى.

·       وَقَد تَبَيَّنَ ممَّا سَبَقَ:

1- أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَن يُوَلَّى الكَافرُ ولاَيَةً فِيهَا سُلْطَةٌ عَلَى المُسْلِمِينَ، أَو اطِّلاَع عَلَى أَسْرَارِهِمْ كَاتِّخَاذهم وُزَرَاءَ وَمُسْتَشَارينَ؛ لقَوْله تَعَالَى: ﴿لَا تَتَّخِذُواْ بِطَانَةٗ مِّن دُونِكُمۡ لَا يَأۡلُونَكُمۡ خَبَالٗا [آل عمران: 118]، أَو مُوَظَّفينَ في أَعْمَال الدَّوْلَة الإسْلاَميَّة.

2- أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُم للْقيَام ببَعْض الأَعْمَال الجَانبيَّة الَّتي


الشرح