لاَ تُشَكِّلُ خَطرًا عَلَى سِيَاسَةِ
الدَّوْلَة المُسْلِمَةِ كَالدِّلاَلَة عَلَى الطَّرِيقِ، وَمَا في مَعْنَاهُ
كَبِنَاءِ المَبَاني، وَإصْلاَح الطُّرُق، بشَرْط أَلاَّ يَكُونَ فِي المُسْلمينَ
مَنْ يَصْلُحُ للْقيَام بِهَذَا العَمَل؛ فَإنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم
اسْتَأْجَرَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِي الدَّيْل هَادِيًا خِرِّيتًا
يَدُلُّهمَا عَلَى الطَّريق فِي سَفَر الهِجْرَة إلَى المَدينَة، وَكَانَ رَجُلاً
مُشْركًا ([1]).
(ب)
أَمَّا الاسْتعَانَةُ بِهِم في القِتَالِ: فَفِي
المَسْأَلَة خِلاَفٌ بَيْنَ أَهْلِ العِلْمِ، وَالصَّحيحُ: جَوَازُ ذَلكَ عِنْدَ
الحَاجَة وَالضَّرُورَة إذَا كَانَ المُسْتَعَانُ بِهِ مِنْهُم مَأْمُونًا في
الجِهَادِ.
·
قَالَ
ابْنُ القَيِّم في فَوَائِدِ صُلْحِ الحُدَيْبيَة:
«وَمنْهَا: أَنَّ الاسْتعَانَةُ بالمُشْرِكِ
المَأْمُون في الجِهَادِ جَائزَةٌ عِنْدَ الحَاجَة، وَفِيهِ منَ المَصْلَحَة
أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى اخْتلاَطِهِ بالعَدُوِّ، وَأَخْذه أَخْبَارهمْ وَيَجُوزُ
لضَرُورَةٍ لِمَا رَوَى الزُّهْريُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اسْتَعَانَ
بِنَاسٍ منَ اليَهُودِ في حَرْبِ خَيْبَر سَنَةَ سَبْعٍ، وَشَهِدَ صَفْوَانُ
حُنَينًا وَهُوَ مُشْركٌ، وَالضَّرُورَةُ مِثْلُ كَوْن الكُفَّار أَكْثَرَ
عَدَدًا، وَيُخَافُ مِنْهُم بشَرْط أَنْ يَكُونَ حَسَنَ الرَّأْي فِي
المُسْلِمِينَ، أَمَّا عِنْدَ عَدَم الحَاجَة، فَلاَ تَجُوزُ الاسْتعَانَةُ
بِهِمْ؛ لأَنَّ الكَافرَ لاَ يُؤْمنُ مَكْرُهُ وَغَائلَتُهُ لخُبْث طَويَّتِهِ».
ثَانيًا:
من مظاهر موالاة المؤمنين.
1-
الهِجْرَةُ إلَى بِلاَدِ المُسْلمينَ، وَهَجْر بِلاَدِ الكَافِرِينَ:
وَالهِجْرَةُ: هِيَ الانْتقَالُ مِنْ بِلاَدِ الكُفَّار إلَى بِلاَدِ المُسْلمينَ لأَجْل الفِرَارِ بالدِّين، وَالهِجْرَةُ بهَذَا المَعْنَى وَلأَجْل هَذَا الغَرَض وَاجبَةٌ وَبَاقيَةٌ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2263).