×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

 فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ» ([1])، فَالنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أَرْشَدَ الشَّبَابَ وَخَصَّهُم بذَلكَ؛ لأَنَّ عِنْدَهُمْ الاسْتِعْدَادَ للزَّوَاج، وَعِنْدَهُمُ الطَّاقَةُ الَّتي إذَا مَا بُودِرَتْ بِوَضْعِهَا فِي مَوْضِعِهَا السَّلِيمِ أَفَادَتْ، فَالشَّبَابُ يَنْبَغي لَهُ أَن يَتَزَوَّجَ فِي سِنٍّ مُبَكِّرَةٍ مَا اسْتَطَاعَ إلَى ذَلكَ سَبِيلاً، وَالاسْتِطَاعَةُ - وَالحَمْدُ للَّهِ وَخُصُوصًا فِي زَمَاننَا هَذَا - مَوْجُودَة فِي الغَالِبِ، فَلاَ عُذْرَ للشَّبَاب أَوْ لِكَثِيرٍ منَ الشَّبَاب فِي تَرْكهم الزَّوَاجَ، وَيُبَيِّنُ صلى الله عليه وسلم مَا للزَّوَاج المُبَكِّر مِنْ مَزَايَا، فَإنَّهُ أَحْصَنُ للْفَرْج، قَالَ عز وجل: ﴿وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَٰفِظُونَ [المؤمنون: 5].

فَإنَّهُ أَحْصَنُ للْفَرْج، أَيْ: الزَّوَاجُ يُؤَمِّنُك مِنْ خَطَرٍ عَظِيمٍ، هُوَ خَطَرُ الفَرْج، فَإنَّهُ أَحْصَنُ لِلْفَرْج، وَأَغَضُّ للبَصَر، إذَا تَزَوَّجَ، فَإنَّهُ بِذَلكَ تَقرُّ عَيْنُهُ، وَلاَ يَنْظُرُ إلَى هُنَا وَهُنَاكَ، أَوْ يَتَطَلَّعُ إلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْه؛ لأَنَّ اللَّهَ أَغْنَاهُ بحَلاَلِهِ عَن حَرَامِهِ، وَكَفَاهُ بفَضْلِهِ عَمَّن سِوَاهُ، فَإنَّهُ أَحْصَنُ للْفَرْج، وَأَغَضُّ للْبَصَر.

ثَانيًا: الزَّوَاجُ يَحْصُلُ بِهِ السَّكَنُ النَّفْسيُّ وَالرَّاحَةُ، يَقُولُ اللَّهُ سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ [الروم: 21]، فَإذَا تَزَوَّجَ الشَّابُّ، سَكَنَتْ نَفْسُهُ عَنْ الاضْطِرَابِ وَالقَلَق، وَارْتَاحَ ضَمِيرُهُ، ﴿لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا [الروم: 21]؛ لأَنَّ الشَّابَّ بَدلاً مِنْ أَنْ يَكُونَ مُزَعْزعَ الفِكْرِ؛ فَإنَّ تَزَوُّجَهُ مِنْ أَسْبَاب سُكُون نَفْسِهِ وَطُمَأْنِينَتِهِ وَارْتيَاحِهِ، وَبالتَّالي يَكُونُ سَببًا فِي خَيْرَاتٍ كَثيرَةٍ تَتَرَتَّبُ عَلَيْه.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5065)، ومسلم رقم (1400).