×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

شُعُورهمْ، وَفي حَرَكَاتهمْ، طِبْقًا لِمَا يَسْمَعُونَ وَيَقْرَءُونَ ممَّا تَحْملُهُ إلَيْهم هَذِهِ الوَسَائلُ الَّتي أَغْلَبُ أَحْوَالهَا أَنَّ فِيهَا الدَّسَّ الكَثيرُ لإفْسَادهمْ، وَالأَهَمُّ مِنْ ذَلكَ تَغْييرُ عَقِيدَتِهِمْ، فَقَد تَحَوَّلَ بَعْضُ الشَّبَاب المُسْلم إلَى مُلْحدٍ، إلَى شُيُوعيٍّ، إلَى بَعْثيٍّ، إلَى غَيْر ذَلكَ مِنَ الأَفْكَارِ الهَدَّامَة؛ لأَنَّهُ مَا دَامَ مُقْبلاً عَلَى تَلَقُّف هَذِهِ الدِّعَايَات، وَهِيَ تُدْفَعُ إلَيْه بيُسْرٍ وَسُهُولَةٍ، وَهُوَ فَارغُ الذِّهْن مِنْ غَيْرهَا، لَيْسَت عِنْدَهُ من الحَصَانَة، وَلاَ مِنَ العِلْمِ مَا يَفْهَمُ بِهِ هَذِهِ الشُّبُهَات المَدْسُوسَة، أَوْ هَذه الدِّعَايَات المُضَلِّلَة، فَإنَّهُ يَتَقَبَّلُ مَا يَصلُ إلَيْه كَمَا قَالَ الشَّاعرُ:

أَتَاني هَوَاهَا قَبْلَ أَن أَعْرفَ الهَوَى **** فَصَادَفَ قَلْبًا خَاليًا فَتَمَكَّنَا

فَالشَّابُّ الَّذي يَتَلَقَّفُ هَذِهِ الدِّعَايَات وَهُوَ خَالِي الذِّهْن ممَّا يُضَادُّهَا مِنَ العِلْمِ النَّافِع لاَ شَكَّ أَنَّهَا تَرْسخُ فِي ذِهْنِهِ، وَيَصْعُبُ بَعْدَ ذَلكَ اجْتذَابُهَا مِنْهُ، هَذِهِ من مَشَاكِلِ الشَّبَاب المُعَاصرَة.

ثَانيًا: مُشْكلَةُ الانْحرَاف فِي التَّصَوُّر وَالخُلُق وَالتَّفْكِيرِ:

مِنْ أَسْبَاب هَذِهِ المُشْكلَة الَّتي هِيَ مُشْكلَةُ الانْحرَافِ فِي التَّصَوُّر وَالانْحِرَافِ فِي الخُلُق وَالانْحرَافِ فِي التَّفْكِيرِ: بَعْضُ وَسَائلِ الإعْلاَم، وَلاَ أَقُولُ كُلُّ وَسَائلَ الإعْلاَم؛ لأَنَّ وَسَائلَ الإعْلاَم فيهَا الصَّالحُ، وَلَكنَّهُ قَليلٌ، وَالأَكْثَرُ ضَارٌّ، بَعْدَ ذَلكَ يَأْتي دَوْرُ السَّفَر للْخَارِجِ، يُسَافرُ الشَّابُّ إلَى الخَارِجِ، إلَى البِلاَدِ الكَافرَة، إلَى البِلاَدِ المُنْحَرفَة الَّتي ضَاعَت فِيهَا الأَخْلاَقُ، وَفَسَدَت فِيهَا العَقَائدُ؛ ليُشَاهدَ هَذِهِ البلاَدَ بمَا فيهَا، فَيُشَاهد الإبَاحيَّة، وَالأَفْكَار الفَاسدَة، وَلَيْسَ عنْدَهُ مِمَّا يُدَافعُهَا أَو يُبَيِّنُ زَيْفَهَا، لَيْسَ عِنْدَهُ الرَّصيدُ الكَافِي، أَوْ لَيْسَ عِنْدَهُ رَصيدٌ أَصْلاً، وَهُوَ شَابٌّ فِي رَيْعَان الشَّبَاب، فَإذَا سَافَرَ إلَى تِلْكَ البِلاَدِ، وَخَالَطَ أَهْلَهَا، سَرْعَانَ


الشرح