×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

 مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدۡعُواْ رَبِّي [مريم: 48] اعْتَزَلَهُم وَاعْتَزَلَ مَا يَعْبُدُونَهُ مِنَ الأَصْنَام، وَهَكَذَا يَكُونُ أَهْلُ الإيمَانِ، وَهَكَذَا يَكُونُ أَهْلُ التَّوْحِيدِ، وَلاَءً فِي اللَّهِ مَعَ المُؤْمِنِينَ وَلَو كَانُوا بَعِيدِينَ عَنَّا فِي النَّسَب، أَوْ فِي المَكَان، أَوْ فِي الزَّمَان، فَالمُؤْمنُونَ إخْوَةٌ تَرْبطُهُم أُخُوَّة الإِيمَانِ، إخْوَة فِي اللَّهِ دَائِمًا وَأَبَدًا عَلَى هَذِهِ العَقيدَة.

وَالمُؤْمِنُ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِ؛ لأَنَّهُ عَدُوٌّ للَّه وَلَو كَانَ أَقْرَبَ قَرِيبٍ إلَيْه، مَا دَامَ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّه، فَإنَّهُ عَدُوُّنَا، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ ءَاوَواْ وَّنَصَرُوٓاْ أُوْلَٰٓئِكَ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ [الأنفال: 72] إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى﴿وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٍۚ إِلَّا تَفۡعَلُوهُ تَكُن فِتۡنَةٞ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَفَسَادٞ كَبِيرٞ [الأنفال: 73]، وَ﴿إِلَّا تَفۡعَلُوهُ [الأنفال: 73] بمَعْنى: إلاَّ تَتَّخذُوا المُؤْمنينَ أَوْليَاءَ، وَالكُفَّارَ أَعْدَاءَ، تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْض، بمَعْنَى: أَنَّ الحَقَّ يَلْتَبسُ بالبَاطِلِ، وَأَنَّ الكُفَّارَ يَخْتَلطُونَ بالمُسْلمينَ، وَيَحْصُلُ بذَلكَ فِتْنَةٌ فِي العَقَائِدِ، فَقَد يَتَأَثَّرُ المُسْلمُ وَالمُؤْمنُ بعَقَائِدِ الكُفَّار فَتَسْري إلَيْه.

فَهَذه فِتْنَةٌ وَفَسَادٌ كَبيرٌ إذَا زَالَ الفَارقُ بَيْنَ المُؤْمنينَ وَالكُفَّار، وَحَصَلَ اخْتلاَطُ الكُفَّار بالمُؤْمنينَ إلَى غَيْر ذَلكَ مِنَ المَفَاسِدِ، فَالمَحَبَّةُ وَالبَغْضَاءُ يَكُونَان من أَجْل الإيمَان وَالكُفْرِ لاَ غَيْرُ.

ثالثًا: المحَبَّة والبُغْض لا يكونانِ من أجلِ أُمورِ الدُّنيا.

بأَنْ تُحِبَّ الإنْسَانَ مِنْ أَجْلِ طَمَع الدُّنْيَا دُونَ نَظَرٍ إلَى دينِهِ، أَو تُبْغضُهُ من أَجْل طَمَع الدُّنْيَا إذَا لَم تَحْصُلْ منْهُ عَلَى شَيْءٍ، لاَ لأَجْل مَعْصيَتِهِ؛ فَإنَّ هَذَا عَلاَمَة النِّفَاق، وَهَذَا دَليلٌ عَلَى ضَعْف إيمَانكَ،


الشرح