وَلذَلكَ يَقُولُ عَبْدُ اللَّه بْن عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما: «قَدْ صَارَتْ عَامَّةُ
مُؤَاخَاة النَّاسِ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا، وَذَلكَ لاَ يُجْدي عَلَى أَهْلِهِ
شَيْئًا»، أَيْ: أَنَّ هَذَا لاَ يَنْفَعُ عِنْدَ اللَّه سبحانه وتعالى، بَل
يَضُرُّهُ.
فَلاَ
يَجُوزُ للْمُؤْمِنِ أَن يُبْغِضَ أَخَاهُ المُؤْمنَ إذَا كَانَ بَيْنَهُ
وَبَيْنَهُ شَيْءٌ مِنْ سُوءِ التَّفَاهُم أَوِ الخُصُومَة، لاَ يَجُوزُ أَنْ
يُبْغِضَهُ، وَلاَ أَن يَهْجُرَهُ من أَجْل ذَلكَ؛ لقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ
أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ» ([1])،
فَلاَ يَجُوزُ التَّهَاجرُ بَيْنَ المُسْلمينَ، نَعَمْ النِّزَاعُ يُسَوَّى، وَالخِلاَفُ
يُفْصَلُ فِيهِ عَلَى مُقْتَضَى شَرْعِ اللَّه سبحانه وتعالى، لَكِنْ تَبْقَى
مَحَبَّة القُلُوب وَمَحَبَّة الإيمَان، لاَ يُزَحْزِحُهُمَا شَيْءٌ من أَطْمَاع
الدُّنْيَا.
رابعًا:
مَحَبَّةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.
لَيْسَتْ
بإحْدَاث البِدَعِ وَالخُرَافَات، فَهُنَاكَ مَنْ يَدَّعي مَحَبَّةَ الرَّسُول صلى
الله عليه وسلم، لَكنَّهُ يُفَسِّرُ ذَلكَ بأَنْ يَعْمَلَ بِدَعًا وَخُرَافَاتٍ،
وَيَقُولُ: هَذَا مَحَبَّةٌ للرَّسُول.
يُقيمُ
المَوَالدَ المُبْتَدَعَةَ بمُنَاسَبَة مَوْلِدِ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم،
وَيَقُولُ: هَذَا مِنْ أَجْل مَحَبَّة الرَّسُول، وَمَنْ لاَ يَفْعَلُ المَوْلدَ
فَهُوَ لاَ يُحبُّ الرَّسُولَ، وَهَذه مُغَالطَةٌ، بَل هَذِهِ عَدَاوَةٌ لرَسُول
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ لأَنَّ الرَّسُولَ نَهَى عَن البِدَعِ، قَالَ صلى
الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً
لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([2]).
وَهَذَا يُحْدِثُ بِدْعَةً وَيَقُولُ: هَذَا مِنْ أَجْل مَحَبَّة الرَّسُول، وَمَا هَذَا إلاَّ مُحَادَّةٌ للَّه وَلرَسُولِهِ، فَهَذَا هُوَ البُغْضُ للرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وَلَو كَانَ يُحبُّ الرَّسُولَ لَأَطَاعَهُ، وَتَرَك البِدَعَ وَالخُرَافَات؛ لأَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْهَا
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6077)، ومسلم رقم (2560).