×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

 بقَوْله: «إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([1]).

كَذَلكَ مِنَ النَّاس مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحبُّ أَوْليَاءَ اللَّه، لَكنَّهُ يُفَسِّرُ ذَلكَ بأَنْ يَتَّخذَهُم أَرْبَابًا من دُون اللَّه، بمَعْنَى أَنَّهُ يَتَقَرَّبُ إلَى قُبُورِهِمْ وَأَضْرِحَتِهِمْ بالذَّبَائح وَالنُّذُور، وَالطَّوَاف بِهَا، وَالتَّمَسُّح بِهَا، وَيَقُولُ: أَنَا أُحبُّ أَوْليَاءَ اللَّه، هَذَا مِنْ مَحَبَّة أَوْليَاءِ اللَّه، وَنَقُولُ لَهُ: كَذَبْتَ، هَذِهِ عَيْنُ مُعَادَاة أَوْليَاء اللَّهِ، وَبُغْض أَوْليَاء اللَّهِ؛ لأَنَّ أَوْليَاءَ اللَّه لاَ يَرْضَوْنَ بذَلكَ، وَمَنْ رَضِيَ بذَلكَ أَوْ دَعَا النَّاسَ إلَيْه، فَهُوَ من أَعْدَاءِ اللَّه، وَلَيْسَ مِنْ أَوْليَاءِ اللَّه.

أَمَّا أَوْليَاءُ اللَّهِ، فَإنَّهُم يَبْرَءُونَ مِنْ ذَلكَ: ﴿وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمۡ أَعۡدَآءٗ وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمۡ كَٰفِرِينَ [الأحقاف: 6].

وَيَقُولُ: ﴿وَيَوۡمَ يَحۡشُرُهُمۡ جَمِيعٗا ثُمَّ يَقُولُ لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَهَٰٓؤُلَآءِ إِيَّاكُمۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٤٠قَالُواْ سُبۡحَٰنَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمۖ بَلۡ كَانُواْ يَعۡبُدُونَ ٱلۡجِنَّۖ أَكۡثَرُهُم بِهِم مُّؤۡمِنُونَ ٤١ [سبأ: 40- 41].

خامسًا: دليل المحبة في الله وثمراتها.

لَمَّا ادَّعَى اليَهُودُ مَحَبَّةَ اللَّهِ، قَالُوا: إنَّنَا نُحبُّ اللَّهَ عز وجل، فَامْتَحَنَهُم اللَّهُ بقَوْلِهِ: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٣١قُلۡ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٣٢ [آل عمران: 31- 32] فَعَلاَمَةُ مَحَبَّة اللَّه عز وجل اتِّبَاعُ رَسُولِهِ، وَعَلاَمَة بُغْضِ اللَّه عز وجل مُخَالَفَة رَسُولِهِ، هَذِهِ عَلاَمَةٌ فَارقَةٌ: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ [آل عمران: 31]، فَذَكَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى دَليلَ المَحَبَّة


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).