الفَجْر، ﴿إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا﴾ [الإسراء: 78]، تَحْضُرُهُ مَلاَئكَةُ اللَّيْل
وَمَلاَئكَةُ النَّهَار، يَجْتَمعُونَ فِي صَلاَة الفَجْر مَعَ المُسْلمينَ،
وَيَسْتَمعُونَ إلَى القُرْآن الَّذي يُتْلَى فِي الصَّلاَة، وَيَجْتَمعُونَ فِي
صَلاَة العَصْر، فَيَسْأَلُهُم اللَّهُ وَهُوَ أَعْلَمُ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ
عِبَادِي؟ قَالُوا: جِئْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَتَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ
يُصَلُّونَ، يَعْني: نَزَلُوا وَنَحْنُ نُصَلِّي العَصْرَ، وَحَضَرُوا مَعَنَا
الصَّلاَةَ، وَصَعدُوا وَنَحْنُ نُصَلِّي الفَجْرَ.
وَبذَلكَ
كَانَتْ صَلاَةُ العَصْرِ هِيَ الوُسْطَى الَّتي حَثَّ اللَّهُ عَلَيْهَا، قَالَ
تَعَالَى: ﴿حَٰفِظُواْ
عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ﴾
[البقرة: 238]، يَعْني: صَلاَةَ العَصْر؛ لأَنَّهَا تَحْضُرُهَا مَلاَئكَةُ
اللَّيْل وَمَلاَئكَةُ النَّهَار (الحَفَظَة).
دعوة للمقصرين
****
فَأَيْنَ
الَّذينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ صَلاَة الفَجْر، وَيَنَامُونَ عَلَى فُرُشِهِمْ،
وَلاَ يُشَاهدُونَ هَذَا المَشْهَدَ العَظيمَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مَعَ مَلاَئكَةِ
الرَّحْمَن، وَيُخْبرُ مَلاَئكَة الرَّحْمَن عَنْهُمْ فِي المَلإَِ الأَعْلَى:
جِئْنَاهُم وَهُمْ يُصلُّونَ، وَتَرَكْنَاهُم وَهُمْ يُصلُّونَ؟ مَاذَا أَفَادَ
هَذَا الَّذي تَخَلَّفَ عَنْ صَلاَة الفَجْر وَآثَرَ النَّوْمَ؟ وَمَاذَا أَفَادَ
هَذَا الَّذي تَكَاسَلَ عَنْ صَلاَة العَصْرِ، وَآثَرَ النَّوْمَ أَو الأَعْمَالَ
الأُخْرَى؟
لَقَد جَاءَ فِي الحَدِيثِ أَنَّ: «مَنْ فَاتَتْهُ صَلاَةُ الْعَصْرِ، فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ، وَمَالَهُ» ([1]) وَفي حَدِيثٍ آخَر: «فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ» ([2])، يَعْني: أَخْرَجَهَا عَنْ وَقْتهَا، فَإذَا أَخْرَجَهَا عَنْ وَقْتِهَا فَقَدْ فَاتَتْ.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (552)، ومسلم رقم (626).