ثَامنًا:
وَهُنَاكَ مَلاَئكَةٌ مُوَكَّلُونَ بحِفْظِ الإنْسَان مِنَ المَهَالِكِ،
فَالإِنْسَانُ يَمْشي فِي أَخْطَارٍ، وَلَكنَّ اللَّهَ وَكَّلَ مَلاَئكَتَه أَنْ
تَحْفَظَهُ منَ الأَخْطَار فِي هَذِهِ الحَيَاة الَّتي قَدَّرَهَا اللَّهُ لَهُ،
وَهَذِهِ الأَرْض الَّتي يَعِيشُ عَلَيْهَا الإنْسَانُ فِيهَا مَخَاطرُ، فيهَا
سِبَاعٌ، فِيهَا حَيَّاتٌ، فِيهَا عَقَاربُ، فِيهَا طُغَاةٌ منَ البَشَر،
وَمُعْتَدُونَ وَظَلَمَةٌ، وَلَكن هَذِهِ المَلاَئكَةُ جَعَلَهَا اللَّهُ
مُعَقِّبَاتٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿لَهُۥ مُعَقِّبَٰتٞ مِّنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ
خَلۡفِهِۦ﴾ [الرعد: 11] يَحْفَظُونَهُ
بأَمْرِ اللَّهِ، فَمَا دَامَ اللَّهُ كَاتبًا لَهُ السَّلاَمَة، فَهَذِهِ
المَلاَئكَةُ تُدَافعُ عَنْهُ، وَلاَ يَصِلُ إلَيْهِ أَحَدٌ بِشَرٍّ، فَإذَا
أَرَادَ اللَّهُ نِهَايَةَ أَجَلِهِ، تَخَلَّوْا عَنْهُ، وَاحِدٌ مِنْ أَمَامِهِ،
وَوَاحِدٌ مِنْ خَلْفِهِ ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ
يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمۡۗ وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ سُوٓءٗا فَلَا
مَرَدَّ لَهُۥۚ﴾ [الرعد: 11] وَإذَا جَاءَ
القَدَرُ، وَأَرَادَ اللَّهُ هَلاَكَ هَذَا الإنْسَانِ؛ فَإنَّ المَلاَئكَةَ
المُعَقِّبَات تَتَخَلَّى عَنْهُ؛ لأَنَّهَا لاَ تَردُّ عَنْهُ أَمْرَ اللَّه،
هَذِهِ المَلاَئكَةُ المُعَقِّبَات.
تَاسعًا:
وَهُنَاكَ مَلاَئكَةٌ مُوَكَّلُونَ فِي هَذَا الكَوْن بأَعْمَالٍ لاَ يَعْلَمُهَا
إلاَّ اللَّهُ، هُنَاكَ مَلاَئكَةٌ مُوَكَّلُونَ بالبِحَارِ، وَمَلاَئكَةٌ
مُوَكَّلُونَ بالأَنْهَار، وَمَلاَئكَةٌ مُوَكَّلُونَ بالرِّيَاح، وَآخَرُونَ
مُوَكَّلُونَ بأَعْمَالٍ كَثيرَةٍ.
هَذَا
الكَوْنُ الَّذي تَجْري فيه هَذِهِ الأَحْدَاثُ، وَتَتَعَاقَبُ فِيهِ هَذِهِ
الأُمُور، هَذِهِ كُلُّهَا فِي تَقْدِيرِ اللَّه سبحانه وتعالى، وَالمَلاَئكَةُ
تَقُومُ بتَنْفِيذِ مَا أَمَرَهَا بِهِ.
وجوب الإيمان بالملائكة وبكل أعمالهم
****
وَالمَلاَئكَةُ مِنْهَا مَا سَمَّاهُ اللَّهُ لَنَا كَجِبْرِيلَ وَمِيكَائيلَ وَإسْرَافيلَ وَمَالِكٍ خَازِنِ النَّار، ﴿وَنَادَوۡاْ يَٰمَٰلِكُ لِيَقۡضِ عَلَيۡنَا رَبُّكَۖ﴾ [الزخرف: 77]، وَمِنْهُمْ مَنْ لَم يُسَمِّ لَنَا، وَنَحْنُ نُؤْمنُ بكُلِّ مَلاَئكَة اللَّهِ عز وجل مَنْ عَرَّفنَا اسْمَهُ، وَمَنْ لَمْ