×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الأول

سِتُّمِائَةِ جَنَاحٍ، كُلُّ جَنَاحٍ مِنْهَا سَدَّ الأُفُقَ، هَذَا مَلَكٌ وَاحدٌ منَ المَلاَئكَة، وَصَفَهُ اللَّهُ بأَنَّهُ شَديدُ القُوَى، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿عَلَّمَهُۥ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ [النجم: 5]، يَعْني: جِبْرِيل عليه السلام، وَقَوْلُهُ تَعَالَى﴿ذُو مِرَّةٖ فَٱسۡتَوَىٰ [النجم: 6] يَعْني: ذُو قُوَّةٍ وَهَيْئَةٍ حَسَنَةٍ.

ثَالثًا: وَالمَلاَئكَةُ لَهُم قُوَّةٌ عَظيمَةٌ بإِذْنِ اللَّهِ، وَمِنْ دَلاَئِل عَظَمَتِهِمْ: أَنَّ الوَاحدَ مِنْهُم إذَا أَمَرَهُ اللَّهُ، فَإنَّهُ يَصيحُ فِي العَالَم، فَيَهْلِكُ الخَلْقُ، كَمَا حَدَثَ مَعَ قَوْم ثَمُودَ حَيْثُ أَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ، صَاحَ بِهِم جِبْريلُ صَيْحَةً وَاحدَةً ﴿إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ صَيۡحَةٗ وَٰحِدَةٗ فَكَانُواْ كَهَشِيمِ ٱلۡمُحۡتَظِرِ [القمر: 31]، فَقُطِّعَتْ قُلُوبُهُم فِي أَجْوَافِهِمْ، فَمَاتُوا وَصَارُوا كهَشِيمِ المُحْتَظر.

مِنْ عَادَة العَرَب إذَا نَزَلُوا فِي مَنْزلٍ يَجْمَعُونَ الحَطَبَ، وَيَجْعَلُونَ حَظَائرَ لأَغْنَامِهِم وَمَوَاشِيهِمْ، فَهَذِهِ الحَظَائرُ تَيْبَسُ وَتُصْبحُ هَشِيمًا، فَثَمُودُ عَلَى قُوَّتِهِم وَجَبَرُوتِهِم أَصْبَحُوا كَهَشِيمِ المُحْتَظر عَلَى إِثْرِ صَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ مَلَكٍ مِنَ المَلاَئكَة.

وَهَذَا جِبْريلُ أَمَرَه اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَ قُرَى قَوْم لُوطٍ - وَهِيَ سَبْعُ مَدَاينَ فِيهَا مِنَ الآدَميِّينَ وَالمَبَاني وَالأَمْتعَة وَالحَيَوَانَات -، حَمَلَهُم عَلَى طَرَفِ جَنَاحِهِ، وَرَفَعهَا حَتَّى سَمِعَتِ المَلاَئكَةُ نُبَاحَ كِلاَبِهِمْ، وَصِيَاحَ دُيُوكِهِمْ، ثُمَّ قَلَبهَا عَلَيْهِمْ، وَخَسَفَ اللَّهُ بِهِم الأَرْضَ، هَذَا نُمُوذَجٌ من قُوَّة المَلاَئكَة عليهم السلام.

إِسْرَافيلُ عليه السلام المُوَكَّل بالنَّفْخ فِي الصُّورِ، وَالصُّورُ مَعْنَاهُ: القَرْنُ الَّذي تُجْمَعُ فِيهِ أَرْوَاحُ بَنِي آدَمَ مِنْ أَوَّلِهِم لآِخِرِهمْ، ثُمَّ يَنْفُخُ إسْرَافيلُ نَفْخَةً وَاحِدَةً فِي الصُّور، فَتَطِيرُ الأَرْوَاحُ مِنْ هَذَا القَرْنِ، وَتَطيرُ إلَى أَجْسَامِهَا، هَذِهِ نَفْخَةُ البَعْث، وَقَبْلَهَا يَنْفُخُ نَفْخَةَ الصَّعْق، فَيَمُوتُ كُلُّ مَنْ فِي


الشرح