فَهَؤلاءِ الذِين يَقومُون بِالتَّفجِير فِي أَي مَكان
وَيُتلفُون الأَنفُس المَعصُومة والأمْوَال المُحتَرَمة لِمسلِمِين أَو
مُعاهِدِين، ويُرمِّلون النِّساءَ وَيُيتِّمون الأَطفَال، هُمْ مِن الذِين قَال
اللهُ فيهم: ﴿وَمِنَ
ٱلنَّاسِ مَن يُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيُشۡهِدُ ٱللَّهَ
عَلَىٰ مَا فِي قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ ٢٠٤وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي
ٱلۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا
يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ ٢٠٥وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتۡهُ ٱلۡعِزَّةُ
بِٱلۡإِثۡمِۚ فَحَسۡبُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ ٢٠٦﴾ [البقرة: 204- 206]، وَمن العَجيبِ أَنَّ هَؤلاءِ
المُعتدِين الخَارِجينَ عَلى حكْمِ الإسْلامِ يُسمُّون عَملَهم هَذا جِهادًا فِي سَبيلِ
اللهِ.
وَهذَا مِن أعْظمِ الكَذبِ عَلى اللهِ، فإنَّ اللهَ
جَعلَ هَذا فَسادًا وَلمْ يَجعَلْه جِهَادًا، وَلكن لا نَعجَبُ حِينَما نَعلَم
أَنَّ سَلَف هَؤلاءِ مِن الخوَارِج كَفَّروا الصَّحَابة وَقتلُوا عُثمانَ
وَعَليًّا رضي الله عنهما، وَهُما مِن الخلَفَاء الرَّاشِدين وَمِن العَشَرة
المُبشَّرِين بِالجَنَّة. قَتلوهُما وَسمَّوا هَذا جِهادًا فِي سَبيلِ اللهِ!
وإنَّما هُو جِهادٌ فِي سَبيل الشَّيطان، قَال تَعَالى ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ
وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ فَقَٰتِلُوٓاْ
أَوۡلِيَآءَ ٱلشَّيۡطَٰنِۖ إِنَّ كَيۡدَ ٱلشَّيۡطَٰنِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 76]، وَهؤلاَء إِن لَم يَكُونوا كُفَّارًا
فإنَّه يُخشَى عَليهِم مِن الكُفرِ وَهُم يُقاتِلون فِي سَبيلِ الطَّاغُوت.
وَلا يَحمِل الإسْلاَم فِعلَهُم هَذا، كَما يَقولُ
أعْدَاء الإِسلامِ مِن الكُفَّار وَالمُنافِقِين إِنَّ دِين الإسلاَمِ دِينُ
إِرهَاب! ويَحْتَجُّون بِفعْل هَؤلاَءِ المُجرِمينَ؛ فإنَّ فِعلَهمْ هَذا لَيسَ
مِن الإِسْلامِ وَلا يُقرُّه إِسلامٌ وَلا دِينٌ.
وِإنَّما هُو فكرٌ خَارجِيٌّ قَد حَثَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم علَى قَتلِ أَصحَابِه، وَقالَ: «أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ» ([1])، وَوَعَدَ بالأجْرِ الجَزيلِ لِمنْ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3611)، ومسلم رقم (1066).