فَالكَافرُ المُعاهدُ لَهُ مَا للمُسلِمِ
وَعليهِ مَا عَلى المُسلِم. قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ
رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» ([1])،
وَقَال تَعالَى: ﴿وَإِنۡ
أَحَدٞ مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ
ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ﴾
[التوبة: 6]، وَإذا خَاف المُسلِمُون مِن المُعاهِدِين خِيانَةً للعَهدِ لَم يجُز
لَهمْ أَن يُقاتِلُوهم حتَّى يُعلِموهُم بِإنهَاء العهْدِ الذِي بَينَهم، وَلا
يُفاجِئوهُم بِالقِتَال دُون إِعلامٍ، قَال تَعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوۡمٍ خِيَانَةٗ فَٱنۢبِذۡ
إِلَيۡهِمۡ عَلَىٰ سَوَآءٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡخَآئِنِينَ﴾ [الأنفال: 58].
وَالذِين يَدخُلونَ تَحتَ عَهدِ المُسلِمِينَ مِن
الكُفَّار ثَلاثةُ أَنواعٍ؛ المُستأمَنُ: وَهوَ الذِي يَدخُل بِلادَ المُسلمِين
بِأمانٍ مِنهُم لأِداءِ مهمَّة ثُم يَرجعُ إِلى بلَدهِ بَعد إنهَائِها.
وَالمُعاهِدُ: الذِي يَدخُل تَحتَ صُلحٍ بَين المُسلِمينَ والكفَّار، وَهذا
يُؤمَّنُ حَتى يَنتهِي العَهدُ الذِي بَين الفِئتَينِ وَلا يَجوزُ لأِحدٍ أَن
يعْتَدي عَليهِ، كَما لاَ يَجوز لَه أنْ يَعتدِيَ عَلى أحدٍ مِن
المُسلِمِين.والذِي يَدفَع الجِزيةَ للمُسلِمينَ وَيدخُل تَحتَ حكمِهِم.
والإسْلامُ يَكْفلُ لهَؤلاءِ الأنْواعِ مِن الكفَّارِ
الأَمنَ عَلى دمائِهم وأمْوالِهم وأعْراضهِم. وَمن اعْتدى عَليهِم فَقدْ خَان
الإسْلامَ واستَحقَّ العُقوبةَ الرَّادِعة. والعَدلُ واجِب مَع المُسلمِين وَمع
الكُفَّار حَتَّى لَو لَم يكُونُوا مُعاهِدينَ أو مُستأمَنِين أوْ أهْل ذِمَّة.
قَال تَعَالى: ﴿وَلَا
يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنََٔانُ قَوۡمٍ أَن صَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ
أَن تَعۡتَدُواْۘ﴾ [المائدة:
2].
والذِين يَعتدونَ عَلى الأَمنِ؛ إِما أنْ يَكونُوا خَوارِج أوْ قطَّاع طُرقٍ أَو بُغاة، وكُل مِن هَذه الأصْنافِ الثَّلاثَة يُتَّخذُ مَعه الإجْراءُ الصَّارِم الذِي يُوقفُه عِندَ حدِّهِ وَيكفُّ شَرهُ عَن المُسلمِينَ والمُستأمَنينَ والمُعاهِدين وأهْلِ الذِّمَّة.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3166).