المُسلِمينَ بِالأمَانِ وَلا يَدفعُ جِزيَة، إِنَّما
دَخلَ بِلاد المُسلِمين لِعَملٍ أَو لأداءِ مُهمَّة ثُم يَرجِع إِلى بَلدِه، هَذا
هُو المُستَأمَن، مَا دام فِي بِلاد المُسلِمينَ، فَهُو آخِذٌ الأمَانَ، ولا
يَجُوز الاعْتِداء عَليهِ، وَأمَّا الحَربيُّ: فَهوَ الذِي لَيس بَينَه وَبينَ
المُسلمِين عَهدٌ وَلا ذمةٌ وَلا أَمان.
السؤال: وهَذا مَقالٌ لِفضيلَة
الشَّيخِ صَالح الفَوزَان حَفظَه اللهُ.
الحَمدُ للهِ وَالصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى نبيِّنَا
مُحمَّدٍ وَآلهِ وَصحبِه وَبعدُ: فَلا شَكَّ أنَّ تَوفُّر الأمْنِ مَطلبٌ ضَرورِي،
الإِنسَانيَّةُ أَحوجُ إِليهِ مِن حَاجتِها إلَى الطَّعام والشَّرابِ.
وَلِذا قدَّمَه إبْرَاهيمُ عليه الصلاة والسلام فِي
دُعائِه عَلى الرِّزْق فَقَال ﴿رَبِّ ٱجۡعَلۡ هَٰذَا بَلَدًا ءَامِنٗا وَٱرۡزُقۡ
أَهۡلَهُۥ مِنَ ٱلثَّمَرَٰتِ مَنۡ ءَامَنَ مِنۡهُم بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ
قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُۥ قَلِيلٗا ثُمَّ أَضۡطَرُّهُۥٓ إِلَىٰ عَذَابِ ٱلنَّارِۖ
وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ﴾ [البقرة:
126]؛ لأنَّ النَّاس لاَ يهْنَأون بِالطَّعام والشَّرابِ مَع وُجود الخَوف، ولأنَّ
الخَوف تَنقطِعُ مَعهُ السُّبلُ التِي بِواسطتِهَا تُنقلُ الأرْزاقُ مِن بَلدٍ
لآخَر.
ولذَلكَ رتَّب اللهُ عَلى قُطَّاع الطُّرقِ أشدَّ
العُقوباتِ فَقَال: ﴿إِنَّمَا
جَزَٰٓؤُاْ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَسۡعَوۡنَ فِي ٱلۡأَرۡضِ
فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوٓاْ أَوۡ يُصَلَّبُوٓاْ أَوۡ تُقَطَّعَ أَيۡدِيهِمۡ
وَأَرۡجُلُهُم مِّنۡ خِلَٰفٍ أَوۡ يُنفَوۡاْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِۚ ذَٰلِكَ لَهُمۡ
خِزۡيٞ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَهُمۡ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33].
وَجاءَ الإسْلام بِحفظِ الضَّرورِيَّات الخَمْس؛ وهِي الدِّين والنَّفس والعَقلُ والعِرضُ والمَالُ، ورتَّب حُدودًا صَارمَة فِي حقِّ مَن يعْتَدي عَلى هَذه الضَّرورِيَّات؛ سَواء كَانت هَذه الضَّروريَّات لِمسلمِين أو معَاهِدينَ.