ومداركِها فلا بُدَّ أن تتشوَّشَ ما لم تأخذِ العلمَ
بالطريقةِ الصحيحةِ المَنهَجيةِ المُتمَشية شيئًا فشيئًا، فمثلاً في الحديثِ لو
أنك بدأتَ من المُختصَرَات لو حفظْتَ بلوغَ المَرام أول شيء وقرأتَه على أحدِ
المشايخ، ثم حفظْتَ عُمدةَ الأحكامِ المأخوذة من الصَّحيحين قرأتَها على أحدِ
المشايخ ثم بعدَ ذلك تحفَظُ في المُدوَّنات الحديثيةِ وتتدَرَّج شيئًا فشيئًا،
الفقه تبدأُ من آدابِ المَشي إلى الصلاةِ ثم متنِ الدَّليلِ ثم متنِ الزَّاد وهكذا
تتدرَّج من المختصَرَات إلى المتوسِّطات إلى المُطَوَّلات، العلم لا يُؤخَذُ دفعةً
واحدة، وإنَّما يُؤخذُ شيئًا فشيئًا، ولا تأخذْه على نفسِك أو على كتابٍ وإنما
تأخذُه عن أهلِ العلم، ولا مانعَ أن تأخذَ عن هذا العالِمِ النحو، وتأخذَ عن هذا
العالمِ أصولَ الفقهِ وتأخذَ عن الثالثِ الفقه، وتأخذَ عن الرابعِ التفسير وهكذا.
السؤال: أرجو توضيحَ حديثٍ وهو قولُ
النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ
أَشْرَاطِ السَّاعَةِ أَنْ يُطْلَب الْعِلْمُ عِنْدَ الأَْصَاغِرِ» ([1])
وما المراد بالأصاغر؟
الجواب: المرادُ بالأصاغر، حُدثاءُ
الأسنان لأنَّ الحدثَ يكونُ عنده خفةٌ وعدمُ تثبُّتٍ وأمَّا طلبُ العلمِ عند كبارِ
السِّن أثبت، هذا في الجملةِ لأنَّه قد يوجدُ من الأصاغر مَن هو غزيرُ العلمِ
وافرُ العقلِ مثل ابنِ عباسٍ ومعاذ رضي الله عنهما ومثل نوادر من العلماءِ برزوا
في الصِّغر.
***
([1]) أخرجه الطبراني في ((الكبير)) رقم (908)، وابن المبارك في ((الزهد)) رقم (61).
الصفحة 15 / 267