السؤال: أنا طالبُ علمٍ أحفظُ الكثيرَ من
المُتونِ في التوحيدِ والفقهِ والحديث، وكذلك أحفظُ القرآنَ كاملاً ووفَّقني اللهُ
على أنْ شارفْتُ على الانتهاءِ من حفْظِ الصَّحيحين قريبًا، وقرأتُ على الكثيرِ من
المشايخ، ولكن كُلَّما أردْتُ إلقاءَ بعضِ الدُّروسِ أجِدُ في نفسِي عدمَ
الكَفاءةِ وأتردَّدُ كثيرًا مع العلمِ أنني أَطلُبُ العلمَ منذُ ما يُقارِبُ ثِنتي
عشرة سنة، أرجو من فضيلتِكم التوجيهَ وما العملُ في هذا الأمر؟
الجواب: هذا شيءٌ طيِّبٌ وهذه نعمةٌ من اللهِ عليك حفظُ القرآنِ وحفظُ مُتونِ السُّنةِ والأحاديثِ الصحيحة، لكن يا أخي ما يَكفي الحفظ، لا بُدَّ من الفَهْم ولا بُدَّ من التَّفقُّهِ في دينِ اللهِ على أهلِ العلمِ شيئًا فشيئًا، كما قال الصحابيُّ الجليلُ ابنُ مسعود: «كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا إِذَا تَعَلَّمَ عَشْرَ آيَاتٍ لَمْ يُجَاوِزْهُنَّ حَتَّى يَعْرِفَ مَعَانِيَهُنَّ، وَالْعَمَلَ بِهِنَّ» يعني كونُكَ تشتغِلُ بالحفظِ أولاً ثم بعدَ ذلك تريدُ أن تتفقَّه فيها بعد ما تَنتهي هذه ليست بطريقةٍ ناجحة، الطريقةُ الناجحةُ أن تحفظَ شيئًا فشيئًا ولا تتعدَّى شيئًا إلاَّ وقد فهمتَه وحفظتَه، لا من القرآنِ ولا مِن السُّنةِ هذه هي طريقةُ التَّعلُّمِ الصَّحيح، المطلوبُ منك أن تُعيدَ النَّظرَ في محفوظاتِك وتسترجِعَها على أحدِ المشايخِ أو على جُملةٍ من المشايخِ، كلِّ شيخٍ أو كلِّ عالمٍ في فنٍّ من هذه الفنونِ وتَتَمشَّى معه شيئًا فشيئًا حفظًا وتفهُّمًا، هذه هي الطريقةُ الصحيحة، وأمَّا قضيةُ الكلامِ وإلقاءُ الدُّروسِ فهذه فيما بعد، وأمرُها سهْلٌ إنَّما الكلامُ على التَّأهُّلِ الآن والتأسيسِ أما قضيةُ الإبلاغِ والدَّعوةِ إلى اللهِ فهذه إن استطعْتَ أن تقومَ بها، بعد ما تتأهَّلُ وتتأسَّس عندك المعلوماتُ فحسَن، أمَّا الآن فأنت حفظْتَ هذه النصوصَ وبقيتَ مُشوَّشَ الفِكرِ لأنَّك ما درسْتَها بمعانيها وفقهِها