السؤال: هل سماعُ الأشرطةِ يكفِي عن
حُضُورِ الدروسِ لدَى المشايخ؟
الجواب: لا يكفِي سماعُ الشريطِ عن حُضُورِ المُحاضَراتِ والندوات وإن كان فيه فائدة، لكن لا يكفي، كونُك تحضُرُ أمامَ المُدرسِ أو أمامَ المُحاضِرِ وتشاهده يكونُ هذا أدعى إلى الاستفادةِ لأنَّكَ حينما تَرَى المُتكَلِّم يكونُ انتباهُك له أشدَّ من سمَاعِ الشَّريطِ لأنَّك قد تسمعُ الشريطَ وأنتَ غافلٌ ولا تُلقِي له بالاً، لكن حينَما تُشاهدُ المتكلمَ أمامَك وهو يتكلَّمُ ويشُدُّ ذهنَك إليه يكونُ هذا أَدْعَى للفَهم، وأيضًا تكون أيضًا مشاركًا له في الأجْرِ الذي وعدَ به النبي صلى الله عليه وسلم لحُضُورِ مَجالس العلم، «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إلاَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» ([1]) فأنتَ تحصُلُ على أجْرِ الحُضورِ زيادة على العِلْمِ الذي تَستفيدُه بخِلافِ الشَّريطِ فإنك تفقِدُ أجرَ الحُضُور، وجاء ثلاثةُ نفرٍ والنبيُّ صلى الله عليه وسلم جالسٌ مع أصحابِه في المسجدِ يُحدِّثُهم، جاء ثلاثةُ نفرٍ، واحدٌ منهم جاءَ وجلسَ في الحَلَقة، وواحدٌ منهم اسْتَحيا أرادَ أنْ يدخلَ فاسْتَحيا ورجَعَ وجلَس، والثالثُ انصرف، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَبَر الثَّلاَثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُكُمْ فَأَوَى فَآوَاهُ اللهُ - هذا الذي جلسَ في الحلقةِ آواه اللهُ عز وجل إلى رحمتِه وإلى فضلِه وإحسانِه -، وَأَمَّا الثاني فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللهُ مِنْهُ - الحياءُ كلُّه خَير، استحيا أن ينصرفَ والرَّسولُ صلى الله عليه وسلم يتكلمُ وجاء وجلس، واستحيا اللهُ تعالى منه -، وَأَمَّا الثالث فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللهُ عَنْهُ» ([2]) فأعرضَ عن الدَّرسِ وحُضُور الذِّكر فأعرَضَ اللهُ عنه عقوبةً له، فدَلَّ هذا على أنَّ الإنسانَ إذا لم يحضُرْ فاتَه كثيرُ الأجر.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2700).