عَلَيۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِي ضَيۡقٖ
مِّمَّا يَمۡكُرُونَ ١٢٧إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم
مُّحۡسِنُونَ ١٢٨﴾ [النحل:
125- 128] وَأَثْنَى على أَهْلِ الدَّعوة إلى الله؛ قال تعالى: ﴿وَمَنۡ
أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ
إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ﴾
[فصلت: 33] أَخْبَرَ سبحانه وتعالى أنَّه لا أَحَدَ أَحْسَنُ قَوْلاً مِنْ قَوْلِ
مَنْ دَعا إلى الله عز وجل فقولٌُه أَحْسَنُ القَوْلِ، وَعمَلُهُ أَحْسَنُ العمَلِ
﴿وَعَمِلَ
صَٰلِحٗا﴾ [فصلت: 33] فالدَّعوةُ إلى
الله وَظِيفَةُ الأَنْبِيَاءِ والمُرْسَلِينَ؛ فإنَّ اللهَ سبحانه وتعالى أَرْسَلَ
الرُّسُلَ، وَأَنْزَلَ الكُتُبَ للدَّعوة إلى الله عز وجل فَهِيَ وَظِيفَةُ
الرُّسُلِ - عليهم السَّلام - وَمَنِ اقْتَدَى بِهِمْ وَسَارَ علَى نَهْجِهِم إلى
يَوْمِ القِيَامَةِ.
وَمِنْ
ثَمَّ يَجِبُ الاهتمامُ بها، وَتَوْضِيحُهَا، وَالحَثُّ عليها، وَبَيَانُ
ضَوَابِطِهَا ومقوِّماتِها؛ حتَّى تتحقَّقَ الدَّعوةُ إلى الله عز وجل وَبَيْنَ
المسلمين في كلِّ وَقْتٍ.
ولا
شَكَّ أنَّه كلَّما تأخَّر الزَّمَانُ وَفَشَا الجَهْلُ وَكَثُرَ الانْحِرَافُ،
فإنَّها تتأكَّد الدَّعوةُ إلى الله عز وجل لإرجاع النَّاس إلى الحقِّ، ولإقامَةِ
الحجَّةِ على الخَلْقِ، والعوْدَةُ إلى الله معناها طَلَبُ الرُّجُوع إلى الله
سبحانه وتعالى وَطَلَبُ الإيمان بالله، والقِيَامِ بِتَوْحِيدِهِ وَعبَادَتِهِ
وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَنَهْيُهُم عن الشِّرك والبِدَع والخُرَافَاتِ الَّتي
تصدُّهم عن دين الله، وتُخْرِجُهُمْ مِنْ دِينِ الله عز وجل إلى دِينِ الجاهليَّة.
فالدَّعوةُ
إلى اللهِ هِيَ مُطَالَبَةُ النَّاس بالإيمان بالله عز وجل وَمُطَالَبَتُهُمْ
بِتَوْحِيدِه وعبَادَتِهِ، ونَهْيُهُم عن الشِّرْكِ به، ونَهْيُهُم عن البِدَع
والمُحْدَثَاتِ فِي الدِّينِ، كُلُّ هَذَا دَاخِلٌ في الدَّعوة إلى الله عز وجل
وكذلك دَعوَتُهُمْ إلى مَكَارِمِ الأَخْلاقِ ومَحَاسِنِ الأَعمَالِ، والالْتِزَامِ
بِأَحْكَامِ الله سبحانه وتعالى في المُعامَلاتِ؛ بِأَخْذِ الحَلالِ، وَتَرْكِ
الحَرَامِ مِنَ المَكَاسِبِ.