×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

أَشْرَفُ المَقَامَاتِ، وَأَعلَى الدَّرَجَاتِ عنْدَ الله سبحانه وتعالى؛ ﴿يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ [المجادلة: 11] وكذلك الأمَّة بِحَاجَةٍ إلى التَّخَصُّصِ المِهَنِيِّ العسْكَرِيِّ، وَبِحَاجَةٍ إلى التَّخَصُّصِ الطِّبِّيِّ، وَبِحَاجَةٍ إلى كُلِّ التَّخَصُّصَاتِ الَّتي تحتاجها في بِنَاءِ مُجْتَمَعهَا، وَقِيَامِ مَصَالِحِهَا، فَكُلٌّ هيَّأه الله للقيام بما يَتَلائَمُ مع مَوَاهِبِهِ، والكلُّ يَنْفَع الأُمَّةَ.

·       أشرف التخصصات:

لَكِنْ بِلا شَكٍّ أنَّ مَنْ تَوَجَّهَ إلى العلم الشَّرعيِّ أنَّه اختار أعلى المقامات وأشرف التَّخصُّصات، وَمِنَ المَعلُومِ مَا هِيَ الغَايَةُ الَّتي من أَجْلِهَا أُوجِدَتْ هذه التَّخَصُّصَاتُ في البِلادِ، ولا يَكُونُ ذلك إِلاَّ بِتَوْفِيقٍ من الله سبحانه وتعالى أوَّلاً، ثمَّ بالجِدِّ والاجْتِهَادِ، والصَّبْرِ والتَّحَمُّلِ، وَحِفْظِ الأَوْقَاتِ، وَتَحْقِيقِ مَا تَوَجَّهَ إليه الطَّالِبُ، حتَّى يَقُومَ به خَيْرَ قِيَامٍ.

فلا يُمْكِنُ أن يكون هناك طَبِيبٌ لا يُجِيدُ الطِّبَّ، ولا يمكن أن يكون هناك عسْكَرِيٌّ لا يُجِيدُ العلوم العسكريَّة، ولا يكون هناك صِنَاعيٌّ لا يُجِيدُ الأمور الصِّناعيَّة، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى لا يكون هناك عالِمٌ شَرْعيٌّ يَقُومُ بحاجة الأمَّة في مختلف أمورها، مِنْ قَضَاءٍ وَإِفْتَاءٍ وإِرْشَادٍ وَدَعوَةٍ وَأَمْرٍ بالمعروف وَنَهْيٍ عن المُنْكَرِ وَخَطَابَةٍ، لا يمكن أن يقوم بهذه التَّخصُّصات على الوجه المطلوب، إِلاَّ مَنْ تَأَهَّلَ لذلك، وإِلاَّ فإنَّه سَيَفْشَلُ.

وَلَيْتَ الأَمْرَ يَقْتَصِرُ على أنَّه يَفْشَلُ في نفسه، لكن سَيَتَرَتَّبُ على ذلك نَقْصٌ في حاجة الأمَّة لِمَنْ يَشْغَلُ هَذَا التَّخَصُّصَ على الوَجْهِ المَطْلُوبِ؛ لأنَّ الغَلَطَ في أمور الدِّين والغلط في العلم الشَّرْعيِّ ليس كالغَلَطِ في الأمور الأخرى، وإن كان الغَلَطُ في كلِّ شَيْءٍ مرفوضًا ومُصِيبَةً، ولكن 


الشرح