الغَلَطُ في أمور الشَّرع وفي أمور الدِّين
والتَّقصير في القِيَامِ بالأَمَانَةِ العلميَّة والشَّرعيَّة، لا شَكَّ أنَّ
الغَلَطَ في ذلك والتَّقْصِيرَ يترتَّب عليه ضَرَرٌ عظِيمٌ بالنِّسبة للأُمَّةِ،
ولا شَكَّ أَنَّكُمْ تُدْرِكُونَ ذلك.
وقد
هَيَّأَ اللهُ لَكُمْ فُرْصَةً عظِيمَةً ما كَانَتْ تَتَهَيَّأُ لِمَنْ كَانَ
قَبْلَكُمْ، بل كانوا يتحمَّلون المَشَاقَّ في طَلَبِ العلْمِ، ويتعرَّضون
للأخطار، ويتعرَّضون للمجاعات في سبيل الأَسْفَارِ لطلب العلم، والكِتَابُ لا
يجدونه إِلاَّ بعد جهد شَاقٍّ يستنسخونه بأيديهم وبأقلامهم، ولو بلغ عدَّة
مجلَّدات، لا يجدون المشايخ إِلاَّ بعد التَّعبِ والعنَتِ والسَّفَرِ إليهم في
أَيِّ بَلَدٍ ذُكِرُوا فيه.
أمَّا
أنتم - والحمد لله - فَكُلُّ شَيْءٍ وُفِّرَ لكم، بُنِيَتْ لكم المَدَارِسُ
والجامعات، وَوُفِّرَتْ لكم الكتب، وَوُفِّرَتْ لكم المُكَافَآتُ الَّتي
تُعينُكُمْ على قَضَاءِ حَوَائِجِكُمْ؛ جُلِبَ لكم المدرِّسون بَدَلَ مَا كَانَ
أَسْلافُكُم يُسَافِرُونَ إليهم.
الآنَ
المُدَرِّسُونَ يَقْدُمُونَ إِلَيْكُمْ، ويسافرون إليكم، ويحضرون عندكم مِنْ
غَيْرِ تَعبٍ عليكم، ولا مَشَقَّةٍ، هم يأتون إليكم عند بيوتكم. فتأمَّلوا هذه
النِّعمَةَ واشكروا الله عليها، البلاد الرَّاقية - كما يسمُّونها - لا تتوافر
فيها هذه الفُرَصُ؛ فَهُمْ يُنْفِقُونَ على أولادهم من الأموال في سبيل تعليمهم
النَّفقات الطَّائلة، وأكثرهم لا يستطيعون الإنفاق على أولادهم، أمَّا أنتم -
والحمد لله - فلا يُطْلَبُ منكم إِلاَّ الحضور. كُلُّ شَيْءٌ مُيَسَّرٌ بتوفيق
الله تعالى، فهذه فُرْصَةٌ عظِيمَةٌ اغْتَنِمُوهَا؛ فإنَّ الفُرَصَ لا تَدُومُ.
اغتنموا
الفُرْصَةَ، واشْغَلُوهَا بما يَعودُ علَيْكُمْ وعلى مُجْتَمَعكُمْ بالنَّفْع
العظيم؛ لأنَّكم مُهَيَّأُونَ لِتَحَمُّلِ مَسْئُوليَّةٍ وَأَمَانَةٍ، والله جل
وعلا يَقُولُ: ﴿إِنَّا