والانتساب إلى السَّلف الصَّالح شَرَفٌ إذا
تحقَّق هذا الانتساب، ولم يكن مجرَّد دَعوَى، وأمَّا أن يقول الإنسان: أنا
سَلَفِيٌّ، أو هذه الجماعة جماعة سلفيَّة، فهذا إن كان له موجب فلا بأس، كما لو
كان هناك فِرَقٌ مُخَالِفَةٌ وَفِرَقٌ مُنَاوِئَةٌ للسَّلف الصَّالح، فَيُظْهِرُ
الإنسان البَرَاءَةَ مِنْ هؤلاء المُخَالِفِينَ، وَيَنْتَسِبُ إلى السَّلَفِ، فلا
بأس بذلك، بل هذا مُحَتَّمٌ، وقد قال الله جل وعلا: ﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ قَوۡلٗا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ
وَعَمِلَ صَٰلِحٗا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ﴾
[فصلت: 33] هذا الانتساب إلى المسلمين وإظهار هذا الانتساب، أمَّا إذا كان ليس
هناك موجب، وإنَّما كلُّ المجتمع وأهل البلد كلُّهم على عقيدة السَّلف، وعلى منهج
السَّلف، فإنَّه لا ينبغي أن يقول الإنسان أنا سَلَفِيٌّ؛ لأنَّ هذا فيه تزكية
للنَّفس مِنْ غَيْرِ موجب لهذا الأمر؛ فالأمر كما يظهر لي فيه تَفْصِيلٌ، والله
أعلم.
·
الآثار
السيئة التي تترتب على الافتراق في الدين:
س
2: ما هي الآثار السَّيِّئة الَّتي تترتَّب على الافتراق
في الدِّين؟
ج 2: يترتَّب على افتراق المسلمين فيما بَيْنَهُمْ ضَعفُهُم، وَضَعفُ شَوْكَتِهِمْ، وَطَمَع العدُوِّ فيهم، ولهذا قال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا لَقِيتُمۡ فِئَةٗ فَٱثۡبُتُواْ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٤٥وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَنَٰزَعُواْ فَتَفۡشَلُواْ وَتَذۡهَبَ رِيحُكُمۡۖ وَٱصۡبِرُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلصَّٰبِرِينَ ٤٦﴾ [الأنفال: 45- 46] فَبَيَّنَ سبحانه وتعالى ما يُقَابَلُ به العدُوُّ - والعدُوُّ دَائِمًا يَتَرَبَّصُ بالمسلمين، وَيَلْتَمِسُ الثَّغَرَاتِ للانْقِضَاضِ عليهم مِنْ كُلِّ وَجْهٍ - والمسلمون بهذه الوصايا الإلهيَّة: الصَّبْرِ، وذكر الله سبحانه وتعالى: ﴿أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَئِنُّ ٱلۡقُلُوبُ﴾ [الرعد: 28] يُرَهَّبُ العدُوُّ، وكذلك طاعة الله ورسوله وامتثال ما أمر الله به الرَّسول صلى الله عليه وسلم وعدم التَّنازع والافتراق في الصُّفوف.