أمَّا السِّحْرُ في اصطلاح الفقهاء - علماء
الشَّرع - فهو: عبارة عن رُقىً وَعزَائِمُ وَأَدْوِيَةٌ وَأَبْخِرَةٌ
يَسْتَعمِلُهَا المُشَعوِذُونَ والدَّجَّالون مع استعانتهم بالشَّياطين، ولا يمكن
للسَّاحر أن يتعاطى السِّحر وأن يؤثِّر بِهِ إِلاَّ إذا تعامل مع الشَّياطين، وَأَشْرَكَ
بالله عز وجل فإذا أَشْرَكَ بالله وَكَفَرَ بالله، فإنَّ الشَّيَاطِينَ تَتَعاوَنُ
مَعهُ للإِضْرَارِ بِبَنِي آدم.
أمَّا
إذا لم يُشْرِكْ بالله، فإنَّ الشَّيَاطِينَ لا تتعاون معه، ولذلك لا يكون السَّاحِرُ
إِلاَّ كَافِرًا وَمُشْرِكًا بالله عز وجل فالسِّحْرُ إذًا والشِّرْكُ والكُفْرُ
أُمُورٌ مُتَقَارِبَةٌ، بَعضُهَا مُقْتَرِنٌ بِبَعضٍ، لا يَنْفَكُّ بعضها عن بعض،
فلا يكون هناك سَاحِرٌ إِلاَّ وهو كافر مشرك بالله عز وجل لأنَّه لا يَكُونُ هناك
سَاحِرٌ إِلاَّ وهو يتعامل مع الشَّياطين، والشَّياطين تَخْدِمُهُ وَتُعينُهُ علَى
الإضرار بِبَنِي آَدَمَ مُقَابِلَ تَضْلِيلِهِ للنَّاس، وإضراره بالنَّاس.
والسِّحْرُ
دَاءٌ قَدِيمٌ فِي الأمم ذَكَرَهُ اللهُ فِي قَوْمِ فِرْعوْنَ، وأنَّ السِّحْرَ
عنْدَهُمْ كَانَ مَعرُوفًا وَمُعتَمَدًا عليه في وَقْتِهِمْ، ولهذا لمَّا جاءهم
موسى عليه الصلاة والسلام بِرِسَالَةٍ من الله، سَمَّوْهُ سَاحِرًا؛ إمَّا من
بَابِ التَّمْوِيهِ على النَّاس، أو لاعتِقَادِهِمْ أَنَّهُ سَاحِرٌ؛ لأنَّهم
كانوا مَعنِيِّينَ بالسِّحْرِ، فَيَظُنُّونَ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَاءَ بِأَشْيَاءَ
لا يَعرِفُهَا النَّاسُ، فَهِيَ مِنَ السَّحَرَةِ.
ولهذا
ادَّعى فِرْعوْنُ وَمَلأُهُ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ مُوسَى سِحْرٌ، وَأَرَادَ أَنْ
يُقَابِلَ مُوسَى بالسِّحْرِ، وَجَمَع السَّحَرَةَ؛ قال تعالى: ﴿قَالَ ٱلۡمَلَأُ
مِن قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ إِنَّ هَٰذَا لَسَٰحِرٌ عَلِيمٞ﴾
[الأعراف: 109] يَعنُونَ مُوسَى عليه الصلاة والسلام: ﴿يُرِيدُ أَن يُخۡرِجَكُم مِّنۡ أَرۡضِكُمۡۖ فَمَاذَا
تَأۡمُرُونَ﴾ [الأعراف: 110]؛
يَسْتَشِيرُهُم ﴿قَالُوٓاْ
أَرۡجِهۡ﴾ [الأعراف: 111] يَعنِي:
أَنْظِرْهُ، لا تَسْتَعجِلْ﴿أَرۡجِهۡ وَأَخَاهُ﴾
[الأعراف: 111] يَعنِي: هَارُونَ عليه الصلاة والسلام: ﴿وَأَرۡسِلۡ فِي ٱلۡمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ ١١١يَأۡتُوكَ
بِكُلِّ سَٰحِرٍ عَلِيمٖ ١١٢﴾
[الأعراف: 111- 112]