فالعبَادُ هُمُ الَّذِينَ بِحَاجَةٍ إِلَى أَنْ
يَعبُدُوا اللهَ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَنَالُوا رِضَا اللهِ وَمَغْفِرَتَهُ
وَرَحْمَتَهُ، مِنْ أَجْلِ أَنْ يُدْخِلَهُمْ جَنَّتَهُ وَيُنْقِذَهُمْ مِنْ
عذَابِهِ، وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمُ اللهُ سبحانه وتعالى وَلَكِنِ اقْتَضَتْ
حِكْمَتُهُ سبحانه وتعالى أن يَخْتَبِرَهُمْ، وَأَنْ يَمْتَحِنَهُمْ؛
لِيَتَمَيَّزَ بِذَلِكَ أَهْلُ طَاعتِهِ مِنْ أَهْلِ مَعصِيَتِهِ، والشَّيْطَانُ
وَحِزْبُهُ يَدْعونَ النَّاسَ إِلَى الخُرُوجِ عنْ عبَادَةِ اللهِ، وَإِلَى
مَعصِيَةِ اللهِ، وَإِلَى اتِّبَاع الأَهْوَاءِ وَالشَّهَوَاتِ.
وَلِذَلِكَ
أَرْسَلَ الله سبحانه وتعالى الرُّسُلَ يَدْعونَ النَّاسَ إلى الخَيْرِ،
والشَّياطين تدعوهم إلى الشَّرِّ؛ قال تعالى: ﴿وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ وَٱلۡمَغۡفِرَةِ
بِإِذۡنِهِۦۖ وَيُبَيِّنُ ءَايَٰتِهِۦ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [البقرة: 221]، وقال: ﴿وَٱللَّهُ يَدۡعُوٓاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ وَيَهۡدِي
مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ﴾
[يونس: 25]، وقال: ﴿يَدۡعُوكُمۡ
لِيَغۡفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُؤَخِّرَكُمۡ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ﴾ [إبراهيم: 10].
فاللهُ
يَدْعو عبَادَهُ إِلَى أَنْ يَعبُدُوهُ وَيَتُوبُوا إِلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرُوهُ،
وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ يَدْعونَ النَّاسَ إِلَى ذَلِكَ، وَكَلَّفَ العلَمَاءَ
وَرَثَةَ الأَنْبِيَاءِ بالدَّعوَةِ إِلَيْهِ سبحانه وتعالى مِنْ أَجْلِ
مَصْلَحَةِ العبَادِ، وَمِنْ أَجْلِ مَنْفَعتِهِمْ؛ فَالدَّعوَةُ إلى الله
قَائِمَةٌ مُنْذُ حَصَلَ مَا حَصَلَ بَيْنَ آَدَمَ وَعدُوِّهِ الشَّيْطَانِ.
وَعنْدَهَا
تَكَفَّلَ الشَّيْطَانُ بِإِغْوَاءِ بَنِي آَدَمَ، مَنِ اسْتَطَاع مِنْهُمْ،
وَإِضْلالِهِمْ، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لَكُمۡ عَدُوّٞ فَٱتَّخِذُوهُ
عَدُوًّاۚ إِنَّمَا يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ﴾ [فاطر: 6].
مقابلة الإساءة بالحسنة: فلا شَكَّ أَنَّ هُنَاكَ دُعاةً إِلَى الخَيْرِ،
وَهُنَاكَ دُعاةٌ إِلَى الباطل مِنْ شَيَاطِينِ الجنِّ والإنس؛ حكمة من الله
سبحانه وتعالى وابتلاءً وامتحانًا للعباد، مُنْذُ بَدْءِ الخَلِيقَةِ إِلَى آخِرِ
الدُّنْيَا والصِّرَاع مُسْتَمِرٌّ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ، وَبَيْنَ
الدُّعاةِ إِلَى الخَيْرِ والدُّعاةِ إلى الشَّرِّ.