قال اللهُ سبحانه وتعالى: ﴿مَّا يَلۡفِظُ
مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ﴾
[ق: 18]. الكَلامُ مُحْصىً علَى الإنسان؛ إِنْ كَانَ خَيْرًا، زَادَهُ اللهُ بِهِ
رِفْعةً: ﴿إِلَيۡهِ
يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ﴾ [فاطر: 10] وإن كان الكلام سَيِّئًا، فَإِنَّهُ يَرْجِع
وَبَالُهُ وَيَرْجِع شَرُّهُ علَى قَائِلِهِ، كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى
وُجُوهِهِمْ - أَوْ قَالَ: عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إِلاَّ حَصَائِدُ
أَلْسِنَتِهِمْ؟» ([1]).
وَرُبَّمَا
يَتَكَلَّمُ الإِنْسَانُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تَكُونُ سَبَبًا في هَلاكِهِ
وَشَقَائِهِ دَائِمًا وَأَبَدًا، كَمَا قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ
بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللهِ لاَ يُلْقِي لَهَا بَالاً يَهْوِي بِهَا فِي
النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» ([2]).
كَلِمَةٌ
وَاحِدَةٌ مِنْ سَخَطِ اللهِ إِذَا تَكَلَّمَ بها الإنسان حتَّى ولو لم يُلْقِ
لَهَا بَالاً وَيَظُنُّ أَنَّهَا سَهْلَةٌ، فإنَّه يَهْوِي بِهَا في النَّارِ
أَبْعدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، فكيف بِكَلِمَاتٍ كَثِيرَةٍ؟
الأَمْرُ
أَشَدُّ ما يكون؛ قَالَ اللهُ تَعالَى: ﴿إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ
بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ
عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ﴾
[النور: 15] الوَاجِبُ علَيْنَا أَنْ نَحْفَظَ أَلْسِنَتَنَا، وَأَنْ لا
نَتَكَلَّمَ إِلاَّ بِخَيْرٍ؛ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآْخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا
أَوْ لِيَصْمُتْ» ([3])؛
فالصَّمْتُ خَيْرٌ مِنَ الكلام البَاطِلِ.
إنَّ الإِنْسَانَ إِذَا صَمَتَ، سَلِمَ، لَكِنَّهُ إِذَا تَكَلَّمَ بِالبَاطِلِ، فَإِنَّهُ يَهْلَكُ؛ فإذا أَمْسَكَ لِسَانَهُ، سَلِمَ؛ فَالإِنْسَانُ إِمَّا أن يتكلَّم بِخَيْرٍ فَيَصْعدَ، وإمَّا أن يتكلَّم بِشَرٍّ فيهلك، وإمَّا أن يَسْكُتَ فلا لَهُ ولا عليه.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2616)، وابن ماجه رقم (3973)، وأحمد رقم (22016).