×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

فالمُسْتَهْزِئُ هو الَّذي يكون ذليلاً في الدُّنيا والآخرة، أمَّا المُسْتَهْزَأُ بِهِ فَإِنَّ هَذَا لا يَضُرُّهُ مَا دَامَ أَنَّهُ علَى حَقٍّ، وَمَا دَامَ أَنَّهُ علَى دِينٍ؛ فَإِنَّهُ لا يَضُرُّهُ مَنِ اسْتَهْزَأَ به، وَمَنْ سَخِرَ مِنْهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا يَرْجِع وَبَالُهُ علَى فَاعلِهِ، وعلى قائله.

الحَاصِلُ أَنَّ الاستهزاء بدين الله عز وجل وَتَنَقُّصَ الدِّين أو تَنَقُّصَ شَيْءٍ مِنْ أَوَامِرِ الدِّين أو من الطَّاعات، يُعتَبَرُ رِدَّةً عن دين الإسلام.

وكذلك تَنَقُّصُ رِجَالِ الدِّين، وَتَنَقُّصُ المُسْلِمِينَ والمُؤْمِنِينَ، وَتَنَقُّصُ العلماء، وَتَنَقُّصُ أَهْلِ الخير، والاستهزاء بهم، كُلُّهُ يَدْخُلُ في هذا البَابِ الخَطِيرِ.

فَيَجِبُ علَى المُسْلِمِ أَنْ يَصُونَ لِسَانَهُ، وَأَنْ يَحْتَرِمَ دِينَهُ، وأن يَحْتَرِمَ علَمَاءَ المُسْلِمِينَ، وَأَنْ يَحْتَرِمَ رِجَالَ الدِّين، ويحترم كُلَّ مُسْلِمٍ يَعيشُ على وَجْهِ الأرض؛ يَحْتَرِمُهُم، وَيُحِبُّهُم في الله عز وجل وَيُجِلُّهُم.

وكذلك مِنْ بَابِ أَوْلَى يَحْتَرِمُ نَفْسَ الدِّين وأوامره والسُّنن والواجبات، يَحْتَرِمُ ذَلِكَ، وَيُعظِّمُهُ، وَيُجِلُّهُ، وَلا يَسْخَرُ بِشَيْءٍ مِنْهُ، أو يَتَنَقَّصُ شَيْئًا مِنْ دِينِ الله عز وجل.

فَإِنْ فَعلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ علَيْهِ التَّوْبَةُ إلى الله عز وجل وَإِنْقَاذُ نَفْسِهِ مِنَ الخَطَرِ قَبْلَ أَنْ تَفُوتَهُ الفُرْصَةُ، وَيُغْلَقَ بَابُ التَّوْبَةِ فِي وَجْهِهِ، ثمَّ يكون مِنَ الخَاسِرِينَ؛ فالأمر في هذا شَدِيدٌ.

نَسْأَلُ اللهَ عز وجل أَنْ يَحْمِيَنَا مِنَ الوُقُوع فِي مِثْلِ هذه الأمور الخطيرة، وأن يَجْعلَنَا وإيَّاكم مِنَ الَّذِينَ يَمْلِكُونَ أَلْسِنَتَهُمْ، وَيَحْبِسُونَهَا عن الكلام فيما لا يجوز؛ فَإِنَّ الكَلامَ خَطِيرٌ جِدًّا، والإنسان قد يتهاون في الكلام؛ مِنْ أَنَّ الكلام له آثاره: إمَّا آَثَارٌ حَسَنَةٌ إن كان الكلام حسنًا، وإمَّا آثار سَيِّئَةٌ إن كان الكلام سَيِّئًا.


الشرح