مُخْطِئُون في تَدَيُّنِهِم وفي تمسُّكهم
بالدِّين؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَآ أُرۡسِلُواْ عَلَيۡهِمۡ حَٰفِظِينَ﴾ [المطففين: 33].
اللهُ
لَمْ يَجْعلِ الكُفَّارَ مُرَاقِبِينَ على المسلمين ينتقدونهم، والله لم
يَجْعلْهُمْ حَافِظِينَ عليهم، أَوْ أَصِيَائَهُمْ علَيْهِم.
ثُمَّ
بَيَّنَ اللهُ سبحانه وتعالى العاقِبَةَ؛ ﴿فَٱلۡيَوۡمَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ ٱلۡكُفَّارِ
يَضۡحَكُونَ﴾ [المطففين: 34] يَوْمَ
القِيَامَةِ يَكُونُ الكُفَّارُ في العذاب وفي الهَوَانِ، والمسلمون في
الكَرَامَةِ والرِّفْعةِ والجَنَّةِ، وَيَنْظُرُونَ إلى الكُفَّارِ وَهُمْ فِي
النَّارِ يُعذَّبُونَ، فَيَضْحَكُونَ مِنْهُمْ جَزَاءً وفًاا، فَيَنْتَقِمُونَ
مِنْهُم؛ ﴿فَٱلۡيَوۡمَ
ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنَ ٱلۡكُفَّارِ يَضۡحَكُونَ﴾
[المطففين: 34].
كَمَا
ضَحِكَ الكُفَّارُ مِنَ المُسْلِمِينَ في الدُّنيا، فإنَّ المسلمين يَوْمَ
القِيَامَةِ يَضْحَكُونَ مِنَ الكُفَّارِ وهم في النَّار ﴿عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِ يَنظُرُونَ﴾
[المطففين: 35] يُطِلُّونَ علَيْهِمْ مِنَ الغُرَفِ العلِيَّةِ في الجنَّة على
المجالس المرتفعة، يُطِلُّونَ على الكفَّار، وعلى أعدائهم الَّذِينَ آَذَوْهُم في
الدُّنيا وَضَايَقُوهُم، يُطِلُّونَ عليهم مِنَ الغُرَفِ العلِيَّةِ، وَمِنَ
المَجَالِسِ البَهِيَّةِ، وهم في النَّار يُعذَّبُونَ، وَيُهَانُونَ،
فَيَضْحَكُونَ مِنْهُمْ ﴿هَلۡ
ثُوِّبَ ٱلۡكُفَّارُ مَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ﴾
[المطففين: 36] نعم، قد جُوزِيَ الكُفَّارُ بِأَفْعالِهِم، فَدَلَّ هذا على أنَّه
لا يَجُوزُ الاسْتِهْزَاءُ؛ لا بالرَّسول صلى الله عليه وسلم ولا بالدِّين، ولا
بِشَيْءٍ مِنَ القُرْآَنِ، ولا بِشَيْءٍ مِنْ أَحَادِيثِ الرَّسول صلى الله عليه
وسلم ولا يجوز الاستهزاء بالمسلمين، أو بأفراد المسلمين.
بَلْ
يَجِبُ احْتِرَامُ الدِّين، واحترام أَهْلِ الدِّين، وَتَوْقِيرُهُم،
وَإِجْلالُهُم؛ لأنَّهم عبَادُ الله المُؤْمِنُونَ؛ لأنَّهم أَعزَّةٌ عنْدَ الله
سبحانه وتعالى قد أَعزَّهُمُ اللهُ بالإسلام، فلا يَجُوزُ احْتِقَارُهُم،
وَتَنَقُّصُهُمْ، وَلا يَجُوزُ الاسْتِهْزَاءُ بِهِمْ، وَالسُّخْرِيَةُ مِنْهُمْ؛
فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ وَبَالاً علَى صَاحِبِهِ في الدُّنيا والآخرة.