×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

الشَّيْطَانُ؛ ﴿فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُؤۡخَذُ مِنكُمۡ فِدۡيَةٞ [الحديد: 15] يَعنِي: لا يُقْبَلُ مِنَ الإِنْسَانِ أَنَّهُ يَشْتَرِي نَفْسَهُ بالمال؛ ﴿فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُؤۡخَذُ مِنكُمۡ فِدۡيَةٞ وَلَا مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ [الحديد: 15] يَعنِي: أَنْتُمْ والكُفَّارُ سَوَاءٌ؛ ﴿مَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُۖ هِيَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ [الحديد: 15].

فالأَمْرُ خَطِيرٌ جِدًّا؛ فَالوَاجِبُ علَى المُسْلِمِ أَنْ يَحْتَرِمَ الإِسْلامَ، وَأَنْ يُعظِّمَ الإِسْلامَ وَأَوَامِرَ الدِّينِ، وَأَنْ لا يَسْتَهْزِئَ بِشَيْءٍ مِنَ الإسلام، ولو كان مِنَ السُّنَنِ والمُسْتَحَبَّاتِ، بَلْ يُعظِّمُ الدِّينَ؛ قال تعالى: ﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ [الحج: 32]، وقال تعالى: ﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ حُرُمَٰتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيۡرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۗ [الحج: 30].

فَالوَاجِبُ تَعظِيمُ الدِّينِ، وَتَعظِيمُ الأَوَامِرِ الشَّرْعيَّةِ والنَّوَاهِي وَاحْتِرَامُهَا، وَكَذَلِكَ تَعظِيمُ المُؤْمِنِينَ؛ فَلا يَجُوزُ للمُسْلِمِ أَنْ يَسْخَرَ مِنْ إِخْوَانِهِ المسلمين، بل الكفَّار إذا سخروا من المسلمين فإنَّهم يوم القيامة يُعكَسُ علَيْهِمُ الأَمْرُ؛ قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ أَجۡرَمُواْ كَانُواْ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَضۡحَكُونَ [المطففين: 29] يَعنِي: فِي الدُّنْيَا، ﴿وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمۡ يَتَغَامَزُونَ [المطففين: 30] يُغَامِزُ بَعضُهُمُ البَعضَ؛ سُخْرِيَةً بالمُسْلِمِينَ، وَتَنْقِيصًا للمُسْلِمِينَ وَاحْتِقَارًا لهم.

﴿وَإِذَا ٱنقَلَبُوٓاْ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِمُ [المطففين: 31] يَعنِي: إذا ذَهَبَ الكُفَّارُ إلى بُيُوتِهِمْ. ﴿ٱنقَلَبُواْ فَكِهِينَ [المطففين: 31] يَتَحَدَّثُونَ فِي البُيُوتِ، يَقُولُونَ: نَحْنُ سَخِرْنَا بالمسلمين، نَحْنُ اسْتَهْزَأْنَا بهم، نحن آَذَيْنَاهُم؛ يَعتَبِرُونَ هَذَا مِنَ المَفَاخِرِ؛ أَنَّهُمْ آَذَوُا المُسْلِمِينَ. ﴿وَإِذَا رَأَوۡهُمۡ [المطففين: 32] يَقُولُونَ: إِنَّ المُسْلِمِينَ مُخْطِئُونَ فِي تَدَيُّنِهِم.

الواجب أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ مَع النَّاسِ، وَأَنْ لا يَتَشَدَّدُوا؛ لأنَّهم يَعتَبِرُونَ الدِّين تشدُّدًا، وَالوَاجِبُ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ مَع النَّاسِ يَتَسَامَحُونَ، وَيَعيشُونَ مَع النَّاسِ وَلَوْ كَانُوا على الكفر، وعلى المحرَّمات؛ فَهُمْ ضَالُّونَ


الشرح