×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الثالث

والَّذي دَخَلَ فِيهِ وَلَكِنَّهُ انْتَقَصَ مِنْهُ شَيْئًا، فَهَذَا يَكُونُ دِينُه ناقصًا بحسب ما انتقص منه؛ قد لا يكون له دِينٌ إذا كان النَّقْصُ يَتَنَافَى مع أصل الدِّين.

فالَّذي لا يصلِّي مثلاً ليس عنْدَهُ دِينٌ؛ لأنَّه ضَيَّع عمُودَ الإِسْلامِ، وَكَذَلِكَ الَّذي يشرك بالله سبحانه وتعالى ليس عنده دين؛ لأنَّ الشِّرْكَ يُنَاقِضُ الإسلام وَيُنَافِيهِ، وَكَذَلِكَ الَّذي يرتكب أَيَّ نَاقِضٍ مِنْ نَوَاقِضِ الإسلام وَأَسْبَابِ الرِّدَّة؛ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ هذا الدِّين، وَيَكُونُ كَافِرًا مُرْتَدًّا، وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي وَيَصُومُ وَيَحُجُّ، ما دام أنَّه لَمْ يَتُبْ مِنْ هَذَا التَّنَاقُضِ الَّذي ارتكبه؛ فإنَّ هذا التَّنَاقُضَ يُفْسِدُ علَيْهِ دِينَهُ، وَيَبْقَى يَعمَلُ علَى غَيْرِ دِينٍ وَعلَى غَيْرِ هُدىً.

أمَّا الَّذي يَكُونُ قد صَدَرَ مِنْهُ خَطَأٌ أَوْ نَقْصٌ فِي دِينِهِ، لَكِنَّهُ لا يَصِلُ إِلَى حَدِّ الرِّدَّةِ، كَالعصَاةِ مَثَلاً، فَهَذَا لا يَخْرُجُ مِنَ الدِّينِ، لَكِنْ يَكُونُ دِينُهُ نَاقِصًا، وَيَكُونُ مُعرَّضًا لِلعقُوبَةِ؛ لِدُخُولِ النَّارِ.

فَالخَطَرُ شَدِيدٌ في هذا، لكن إذا كانت المُخَالَفَةُ تُخْرِجُ من الدِّين، فَإِنَّ خَطَرَهَا مُحَقَّقٌ؛ لأنَّ الإِنْسَانَ قَدْ يَفْعلُ الطَّاعات وَيَظُنُّ أنَّه علَى دِينٍ، وَهُوَ لَيْسَ علَى دِينٍ، بِسَبَبِ أَنَّهُ مُقِيمٌ علَى نَاقِضٍ مِنْ نَوَاقِضِ الإِسْلامِ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ.

مِنْ هَذِهِ النَّوَاقِضِ الاسْتِهْزَاءُ بِالدِّينِ؛ فالإِنْسَانُ وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي وَيَصُومُ وَيَعمَلُ الطَّاعات، لَوِ اسْتَهْزَأَ بِالدِّينِ وَلَوْ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الدِّين، وَيَكُونُ مُرْتَدًّا، وَيَجِبُ علَيْهِ التَّوْبَةُ إلى الله عز وجل والدُّخُولُ فِي الدِّينِ مِنْ جَدِيدٍ.

وإن اسْتَمَرَّ وَلَمْ يَتُبْ، فَإِنَّهُ يَكُونُ علَى غَيْرِ دِينٍ، والدَّلِيلُ على ذلك قَوْلُهُ تَعالَى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ


الشرح