فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ
شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى
أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». فَقُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ: «نَعَمْ،
قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا». قُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ». فَقُلْتُ: فَإِنْ
لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ
حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» ([1]).
فمعرفة
الفِرَقِ وَمَذَاهِبِهَا وَشُبُهَاتِهَا، ومعرفة الفرقة النَّاجية أَهْلِ
السُّنَّة والجماعة، وما هي عليه، فيه خَيْرٌ كَثِيرٌ للمُسْلِمِ؛ لأنَّ هذه
الفِرَقَ الضَّالَّةَ عنْدَهَا شُبُهَاتٌ، وَعنْدَهَا مُغْرِيَاتُ تَضْلِيلٍ.
فَقَدْ
يَغْتَرُّ الجَاهِلُ بِهَذِهِ الدَّعايات، وَيَنْخَدِع بِهَا؛ فَيَنْتَمِي إليها،
كما قال صلى الله عليه وسلم لمَّا ذُكِرَ في حَدِيثِ حُذَيْفَةَ: «هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟»
قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ
جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». فَقُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ: «نَعَمْ،
قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا».
فالخَطَرُ شَدِيدٌ، وقد وَعظَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أصحابه ذات يومٍ كما في حديث العرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ: أنَّه وَعظَهُمْ مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا، قَالَ: «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ تَأَمَّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3606)، ومسلم رقم (1847).