مِنْ
بَعدِي تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ
وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ
ضَلاَلَةٌ» ([1]).
فأخبر
صلى الله عليه وسلم أنَّه سَيَكُونُ هُنَاكَ اخْتِلافٌ وَتَفَرُّقٌ، وَأَوْصَى عند
ذلك بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم، والتَّمَسُّكِ بِسُنَّةِ الرَّسول صلى الله
عليه وسلم وَتَرْكِ مَا خَالَفَهَا مِنَ الأقوال والأفكار، والمَذَاهِبِ
المُضِلَّةِ؛ فَإِنَّ هذه طريق النَّجَاة.
وقد
أمر الله سبحانه وتعالى بالاجتماع والاعتصام بكتابه، وينهى عن التَّفَرُّقِ؛ قال
سبحانه: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ
بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ وَٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ
عَلَيۡكُمۡ إِذۡ كُنتُمۡ أَعۡدَآءٗ فَأَلَّفَ بَيۡنَ قُلُوبِكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم
بِنِعۡمَتِهِۦٓ إِخۡوَٰنٗا وَكُنتُمۡ عَلَىٰ شَفَا حُفۡرَةٖ مِّنَ ٱلنَّارِ
فَأَنقَذَكُم مِّنۡهَاۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ
تَهۡتَدُونَ﴾ [آل عمران: 103] إلى أن قال
سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا
تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ
وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ١٠٥يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ
فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ
ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ ١٠٦﴾
[آل عمران: 105- 106].
قال
ابْنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «تَبْيَضُّ
وُجُوهُ أَهْلِ السُّنَّة والجماعة، وَتَسْوَدُّ وُجُوهُ أَهْلِ البِدْعةِ وَالفُرْقَةِ».
وقال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ إِنَّمَآ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ﴾ [الأنعام: 159] فالدِّينُ وَاحِدٌ، وهو ما جَاءَ بِهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لا يَقْبَلُ الانْقِسَامَ إلى دِيَانَاتٍ وَإِلَى مَذَاهِبَ مُخْتَلِفَةٍ، بل دِينٌ وَاحِدٌ هو دِينُ الله سبحانه وتعالى وهو ما جاء به رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم وَتَرَكَ أُمَّتَهُ علَيْهِ؛ حيث ترك أمَّته صلى الله عليه وسلم على البيضاء، لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لا يَزِيغُ عنْهَا إلاَّ هَالِكٌ.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).