·
مذهب
الخوارج في مرتكب الكبيرة:
أمَّا
مَذْهَبُ الخوارج والمعتزلة فهو على النَّقيض من مذهب أهل السُّنَّة والجماعة؛
فَالخَوَارِجُ يَحْكُمُونَ علَى مُرْتَكِبِ الكَبِيرَةِ بِأَنَّهُ كَافِرٌ خَارِجٌ
من المِلَّةِ، وإذا مَاتَ وَلَمْ يَتُبْ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُخَلَّدًا في النَّار
على مذهبهم.
أمَّا
المعتزلة فإنَّهم يقولون: إِنَّهُ يَخْرُجُ من الإسلام، لكنَّه لا يدخل في الكفر،
فَيَكُونُ عنْدَهُمْ في مَنْزِلَةٍ بَيْنَ المَنْزِلَتَيْنِ؛ فلا يُقَالُ: هو
كافر، ولا مؤمن، وإذا مات ولم يَتُبْ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُخَلَّدًا في النَّار،
كما تقول الخوارج.
·
حكم مرتكب
الكبيرة عند أهل السنة والجماعة:
أمَّا
مَذْهَبُ أهل السُّنَّة والجماعة فَيَقُولُونَ: المُؤْمِنُ الَّذي ارتكب كبيرة من
كبائر الذُّنوب لا يُقَالُ عنه: كَامِل الإيمان، بَلْ هُوَ نَاقِصُ الإيمان،
والَّذين يقولون: إنَّه كَامِلُ الإيمان، هُمُ المُرْجِئَةُ الَّذِينَ يَقُولُون:
لا تَضُرُّ مع الإيمان مَعصِيَةٌ، كَمَا لا تَنْفَع مَع الكُفْرِ طَاعةٌ.
وَهُمْ
بِذَلِكَ على النَّقِيضِ مِنَ الخَوَارِجِ والمُعتَزِلَةِ الَّذين يقولون: هُوَ
خَارِجٌ من الإيمان. فَهُمْ علَى طَرَفَيْ نَقِيضٍ.
وَمَذْهَبُ
أَهْلِ السُّنَّة هو الوَسَطُ في هذا الباب؛ فلا يَقُولُونَ: إِنَّهُ كَامِلُ
الإيمان، كما تَقُولُ المُرْجِئَةُ، ولا يَقُولُونَ: إِنَّهُ كَافِرٌ، كما تقول
الخوارج، ولا في مَنْزِلَةٍ بَيْنَ المَنْزِلَتَيْنِ، كما تقول المعتزلة، بل
يقولون: إنَّه مُؤْمِنٌ ناقص الإيمان، مُؤْمِنٌ بإيمانه، فَاسِقٌ بِكَبِيرَتِهِ؛
يُحَبُّ مِنْ وَجْهٍ، وَيُبْغَضُ مِنْ وَجْهٍ، وإذا مات ولم يَتُبْ، فَأَمْرُهُ
إلى الله سبحانه وتعالى.
فهو تحت المشيئة؛ إِنْ شَاءَ اللهُ غَفَرَ لَهُ، وإن شاء عذَّبَهُ، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ بَعدَ ذَلِكَ، كما قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا