×

الإنسان مسير ومخير في الدنيا

**********

هذا سؤال من المستمع م. ع من العراق، يقول: أرجو الإفادة هل الإنسان مسير في دنياه أو مخير؟ ففي الآية الكريمة، يقول الله تعالى: ﴿فَمَن شَآءَ فَلۡيُؤۡمِن وَمَن شَآءَ فَلۡيَكۡفُرۡۚ [الكهف: 29]، وهي تفيد أن الإنسان مخير، وفي الآية الكريمة الأخرى: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [التكوير: 29] تفيد بأن الإنسان مُسَيَّر، فما معنى الآيتين؟ وهل بينها تعارض أم لا؟

الإنسان مُسَيَّر ومُخَيَّر؛ يجتمع فيه الأمران، فهو مسير من حيث سريان أقدار الله وقضائه عليه، وخضوعه لذلك قولاً وقدرًا، وأنه لا يمكنه التخلص من قضاء الله وقدره، الذي كتبه عليه، فمن هذه الناحية، هو مسير، أمَّا من حيث أفعاله، وحركاته، وتصرفاته، فهو مخير؛ لأنه يأتي ويذر من الأعمال بإرادته وقصده واختياره، فهو مخير. والعبد له مشيئة، ولكنها تابعة لمشيئة الله سبحانه وتعالى، وقضائه، وقدره، فلذلك يثاب على الطاعة، ويعاقب على المعصية التي يفعلها باختياره وإرادته، أمَّا الإنسان الذي ليس له اختيار ولا إرادة؛ كالمكره، والناسي والعاجز عن فعل الطاعة، فهذا لا يعاقب؛ لأنه مسلوب الإرادة والاختيار، أمَّا بالإكراه، وأمَّا بالنسيان، وأمَّا بالعجز، وأمَّا بفقدان العقل؛ كالمجنون والمعتوه، فهذا لا يعاقب على تصرفاته؛ لأنه فاقد للاختيار والإرادة، أمَّا ما أشرت إليه من الآيتين الكريمتين؛ قوله تعالى: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [التكوير: 29]، وهذا يؤيد ما ذكرنا، لأن الله أثبت للعبد مشيئة واختيارًا، وأثبت لنفسه مشيئة، وجعل مشيئة العبد تابعة 


الشرح