المحاضرة الرابعة والثمانون
شرح وصية النبي صلى الله عليه وسلم
كما في حديث العرباض
بن سارية رضي الله عنه
**********
بسم الله الرحمن الرحيم ([1])
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
أجمعين
أما بعد:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظة، ولا يكرر عليهم كل يوم، بل يتخولهم بين حين وآخر، فالموعظة من هديْه صلى الله عليه وسلم عملاً بقوله تعالى: ﴿وَعِظۡهُمۡ وَقُل لَّهُمۡ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ قَوۡلَۢا بَلِيغٗا﴾ [النساء: 63]. يقول العرباض بن سارية رضي الله عنه: «فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً»، والموعظة لاشك أن لها تأثيرًا في قلوب الموعوظين، ويبقى أثرها فيهم إذا كانت صادرة من ناصح مخلص؛ متبع للكتاب والسنة، «كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّع»، يعني: كأنها ختام حياة النبي صلى الله عليه وسلم، «فَأَوْصِنَا»؛ لأن من عادة المودع أنه يوصي من خلفه بالأمور المهمة، قال صلى الله عليه وسلم: «أَوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله وَالسَّمْعِ والطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاََفًا كَثيِرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةُ» ([2]).
([1]) ألقيت هذه المحاضرة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بتاريخ.(21/ 11/ 1436هـ).
الصفحة 1 / 511