×
محاضرات في العقيدة والدعوة الجزء الخامس

 هكذا شعور المسلمين بعضهم مع بعض، والله جل وعلا أمرنا بالاجتماع على الحق، ونهانا عن التفرق والاختلاف، فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ ١٠٥يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ ١٠٦ [آل عمران: 105، 106].

قال العلماء: تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل الفرقة والاختلاف؛ لأن هذا الدين هو دين الأنبياء والمرسلين، بعث الله به خاتمهم وإمامهم سيدهم محمد صلى الله عليه وسلم في آخر الدنيا قبل قيام الساعة، وأنزل عليه كتابا عظيما لم ينزل على الأنبياء مثله؛ هو القرآن العظيم، وآتاه الله السنة النبوية، التي أوحاها إليه: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ ٣إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡيٞ يُوحَىٰ ٤ [النّجْم: 3-4]. وأمرنا بالتمسك بالكتاب والسنة، فهما ضمانة الوحدة، قال صلى الله عليه وسلم لما طلبوا منه الوصية: «أَوصِيكُمْ بِتَقْوَى الله وَالسَّمْعِ والطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاََفًا كَثيِرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةُ» ([1]). والله جل وعلا قال: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ [آل عمران: 103].

قيل: ﴿بِحَبۡلِ ٱللَّهِ القرآن، وقيل: الإسلام، وقيل: سنة النبي صلى الله عليه وسلم، والكل حق. ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا لا يعتصم به بعضكم، والبعض الآخر يعتصم بغيره، بل لا بد أن تجتمعوا على التمسك بالكتاب والسنة،


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4609)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (43)، وأحمد رقم (17142).