فابتدأهم بنوح عليه السلام، وختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، كما قال
سبحانه. ﴿مَّا كَانَ
مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٖ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّۧنَۗ﴾ [الأحزاب: 40].
وقال: «أَنَا خَاتَمَ النَّبِيينَ؛
لا نَبِيَّ بَعْدِي» ([1]).
فمن ادعى النبوة بعد محمد صلى الله عليه وسلم فهو كاذب على الله عز وجل،
كاذب على الخلق، لأنه لا حاجة إلى بعثة نبي بعد الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن
رسالته عامة وشريعته كاملة إلى أن تقوم الساعة، قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا
كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا
يَعۡلَمُونَ﴾ [سبأ: 28]، ﴿قُلۡ
يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: 158].
وهذا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم، فالأنبياء من قبل كل نبي يبعث إلى
قومه خاصة، وأما هذا النبي صلى الله عليه وسلم فإنه بعث إلى الناس كافة.
ولما كانت رسالته عام؛ كانت شريعته عامة للثقلين -الجن والإنس- إلى أن تقوم
الساعة، فلا حاجة إلى نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم ولا حاجة إلى شريعة بعد
شريعته؛ لأنه شريعته كاملة، قال تعالى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ
أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ
دِينٗاۚ﴾ [المائدة: 3].
ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام له حقوق يستحقها، ويجب على كل مسلم أن يؤدي من حقوقه ما يستطيع، كما أن الله سبحانه وتعالى له حق والرسول له حقوق، وحق الله على العباد أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا، وحق الرسول عليه الصلاة والسلام أن يُطاع ويُتبع ويقتدى به هذا من أعظم حقوقه عليه الصلاة والسلام أن يطاع ويتبع ويقتدى به في كل أمور العبادات والطاعات، هذا هو أعظم حقوقه صلى الله عليه وسلم ﴿مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ عَلَيۡهِمۡ حَفِيظٗا﴾ [النساء: 80]،
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4254)، والطبراني في الأوسط رقم (3274).